Khamis, 30 September 2010

Al-baqarah : 9

Al-baqarah : 9

يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ

من قبائح المنافقين أربعة أشياء : أحدها : ما ذكره في هذه الآية ، وهو أنهم { يخادعون الله والذين ءَامَنُوا }

{ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا } أي: بإظهارهم ما أظهروه من الإيمان مع إسرارهم الكفر، يعتقدون بجهلهم أنهم يخدعون الله بذلك، وأن ذلك نافعهم عنده

يظهرون "لا إله إلا الله" يريدون أن يحرزوا بذلك دماءهم وأموالهم، وفي أنفسهم غير ذلك

خَنعُ الأخلاق يصدّق بلسانه وينكر بقلبه ويخالف بعمله

لا شبهة في أن الخديعة مذمومة ، والمذموم يجب أن يميز من غيره لكي لا يفعل

وأصل هذه اللفظة الإخفاء ، وسميت الخزانة المخدع ، والأخدعان عرقان في العنق لأنهما خفيان . وقالوا : خدع الضب خدعاً إذا توارى في جحره فلم يظهر إلا قليلاً

حدها فهو إظهار ما يوهم السلامة والسداد ، وإبطان ما يقتضي الإضرار بالغير والتخلص منه

وكل ذلك بخلاف ما يقتضيه الدين؛ لأن الدين يوجب الاستقامة والعدول عن الغرور والإساءة

إن مخادعة الله تعالى ممتنعة من وجهين : الأول : أنه تعالى يعلم الضمائر والسرائر

الثاني : أن المنافقين لم يعتقدوا أن الله بعث الرسول إليهم فلم يكن قصدهم في نفاقهم مخادعة الله تعالى

فالمنافقون لما خادعوا الرسول قيل إنهم خادعوا الله تعالى

أنهم دفعوا عن أنفسهم أحكام الكفار مثل القتل ، لقوله عليه الصلاة والسلام :
" أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله "

أنهم كانوا يطمعون في أموال الغنائم

قرأ نافع وابن كثير وأبو عمر «وما يخادعون» والباقون «يخدعون» وحجة الأولين : مطابقة اللفظ حتى يكون مطابقاً للفظ الأول ، وحجة الباقين أن المخادعة إنما تكون بين اثنين


Isnin, 27 September 2010

Al-imran : 53 - 54

Al-imran : 53
رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ

اعلم أنهم لما أشهدوا عيسى عليه السلام على إيمانهم ، وعلى إسلامهم تضرعوا إلى الله تعالى

آمنوا بكتب الله تعالى حيث قالوا { بِمَا أَنزَلَتْ } وآمنوا برسول الله حيث ، قالوا { واتبعنا الرسول } فعند ذلك طلبوا الزلفة والثواب.

{ فاكتبنا مَعَ الشاهدين }

وهذا يقتضي أن يكون للشاهدين فضل يزيد على فضل الحواريين ، ويفضل على درجته ، لأنهم هم المخصوصون بأداء الشهادة قال الله تعالى : { وكذلك جعلناكم أُمَّةً وَسَطًا لّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى الناس وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } [ البقرة : 143 ]

عن ابن عباس { فاكتبنا مَعَ الشاهدين } أي اكتبنا في زمرة الأنبياء لأن كل نبي شاهد

أي اكتبنا في جملة من شهد لك بالتوحيد ولأنبيائك بالتصديق

وقد أجاب الله تعالى دعاءهم وجعلهم أنبياء ورسلاً ، فأحيوا الموتى ، وصنعوا كل ما صنع عيسى عليه السلام

إنه تعالى قال : { شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إله إِلاَّ هُوَ والملائكة وَأُوْلُواْ العلم } [ آل عمران : 18 ] فجعل أولو العلم من الشاهدين

أن جبريل عليه السلام لما سأل محمداً صلى الله عليه وسلم عن الإحسان فقال : « أن تعبد الله كأنك تراه » وهذا غاية درجة العبد في الاشتغال بالعبودية ، وهو أن يكون العبد في مقام الشهود ، لا في مقام الغيبة

إن كل من كان في مقام شهود الحق لم يبال بما يصل إليه من المشاق والآلام ، فلما قبلوا من عيسى عليه السلام أن يكونوا ناصرين له ، ذابين عنه ، قالوا { فاكتبنا مَعَ الشاهدين } أي اجعلنا ممن يكون في شهود جلالك ، حتى نصير مستحقرين لكل ما يصل إلينا من المشاق والمتاعب فحينئذ يسهل علينا الوفاء بما التزمناه من نصرة رسولك ونبيك

عن ابن عباس في قوله: { فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } قال مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم
عن ابن عباس . والمعنى أثبت أسماءنا مع أسمائهم واجعلنا من جملتهم .

وقيل : المعنى فاكتبنا مع الذين شهدوا لأنبيائك بالصدق .
***
Al-imran : 54

وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ

أصل المكر في اللغة ، السعي بالفساد في خفية ومداجاة

وأصل المكر في اللغة الاحتيال والخداع

يقال مكر الليل ، وأمكر إذا أظلم

مكر الله تعالى بهم هو أنه رفع عيسى عليه السلام إلى السماء ، وذلك أن يهودا ملك اليهود ، أراد قتل عيسى عليه السلام ، وكان جبريل عليه السلام ، لا يفارقه ساعة ، وهو معنى قوله { وأيدناه بِرُوحِ القدس } [ البقرة : 87 ] فلما أرادوا ذلك أمره جبريل عليه السلام أن يدخل بيتاً فيه روزنة ، فلما دخلوا البيت أخرجه جبريل عليه السلام من تلك الروزنة ، وكان قد ألقى شبهه على غيره ، فأخذ وصلب فتفرق الحاضرون ثلاث فرق ، فرقة قالت : كان الله فينا فذهب ، وأخرى قالت : كان ابن الله ، والأخرى قالت : كان عبد الله ورسوله ، فأكرمه بأن رفعه إلى السماء ، وصار لكل فرقة جمع فظهرت الكافرتان على الفرقة المؤمنة إلى أن بعث الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم

أن الحواريين كانوا إثنى عشر ، وكانوا مجتمعين في بيت فنافق رجل منهم ، ودل اليهود عليه ، فألقى الله شبهه عليه ورفع عيسى ، فأخذوا ذلك المنافق الذي كان فيهم ، وقتلوه وصلبوه على ظن أنه عيسى عليه السلام ، فكان ذلك هو مكر الله بهم

ذكر محمد بن إسحاق أن اليهود عذبوا الحواريين بعد أن رفع عيسى عليه السلام ، فشمسوهم وعذبوهم ، فلقوا منهم الجهد فبلغ ذلك ملك الروم ، وكان ملك اليهود من رعيته فقيل له إن رجلاً من بني إسرائيل ممن تحت أمرك كان يخبرهم أنه رسول الله ، وأراهم إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص فقتل ، فقال : لو علمت ذلك لحلت بينه وبينهم ، ثم بعث إلى الحواريين ، فانتزعهم من أيديهم وسألهم عن عيسى عليه السلام ، فأخبروه فتابعهم على دينهم ، وأنزل المصلوب فغيبه ، وأخذ الخشبة فأكرمها وصانها ، ثم غزا بني إسرائيل وقتل منهم خلقاً عظيماً ومنه ظهر أصل النصرانية في الروم ، وكان اسم هذا الملك طباريس ، وهو صار نصرانياً

أن الله تعالى سلّط عليهم ملك فارس حتى قتلهم وسباهم

يحتمل أن يكون المراد أنهم مكروا في إخفاء أمره ، وإبطال دينه ومكر الله بهم حيث أعلى دينه وأظهر شريعته وقهر بالذل والدناءة أعداءه وهم اليهود.

المكر عبارة عن الاحتيال في إيصال الشر ، والاحتيال على الله تعالى محال فصار لفظ المكر في حقه من المتشابهات وذكروا في تأويله وجوهاً أحدها : أنه تعالى سمى جزاء المكر بالمكر ، كقوله { وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا } [ الشورى : 40 ] وسمى جزاء المخادعة بالمخادعة ، وجزاء الاستهزاء بالاستهزاء

قال (6) تعالى مخبرا عن [ملأ] (7) بني إسرائيل فيما هَمُّوا به من الفتك (8) بعيسى، عليه السلام، وإرادته بالسوء والصَّلب، حين تمالؤوا (9) عليه وَوَشَوا به إلى ملك ذلك الزمان، وكان كافرًا، فأنْهَوا إليه أن هاهنا رجلا يضل الناس ويصدهم عن طاعة الملك، وَيُفَنِّد الرعايا، ويفرق بين الأب وابنه (10) إلى غير ذلك مما تقلدوه في رقابهم ورموه به من الكذب، وأنه ولد زانية (11) حتى استثاروا غضب الملك، فبعث في طلبه من يأخذه ويصلبه ويُنَكّل به، فلما أحاطوا بمنزله وظنوا أنهم قد ظَفروا به، نجاه الله من بينهم، ورفعه من رَوْزَنَة ذلك البيت إلى السماء، وألقى الله شبهه على رجل [ممن] (12) كان عنده في المنزل، فلما دخل أولئك اعتقدوه في ظلمة الليل عيسى، عليه السلام، فأخذوه وأهانوه وصلبوه، ووضعوا على رأسه الشوك. وكان هذا من مكر الله بهم، فإنه نجى نبيه ورفعه من بين أظهرهم، وتركهم في ضلالهم يعمهون، يعتقدون أنهم قد ظفروا بطَلبتِهم، وأسكن الله في قلوبهم قسوة وعنادا للحق ملازما لهم، وأورثهم ذلة لا تفارقهم إلى يوم التناد؛ ولهذا قال تعالى: { وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }

«مكر الله» إلقاء شَبه عيسى على غيره ورَفْع عيسى إليه ، وذلك أن اليهود لما اجتمعوا على قتل عيسى دخل البيت هارباً منهم فرفعه جبريل من الكوّة إلى السماء ، فقال مَلِكهم لرجل منهم خبيثٍ يقال له يهوذا : ادخل عليه فاقتله ، فدخل الخَوْخَة فلم يجد هناك عيسى وألقى الله عليه شبه عيسى ، فلما خرج رأوه على شبه عيسى فأخذوه وقتلوه وصَلَبوه . ثم قالوا : وجهه يشبه وجه عيسى ، وبدنه يشبه بدن صاحبنا؛ فإن كان هذا صاحبنا فأين عيسى وإن كان هذا عيسى فأين صاحبنا فوقع بينهم قتال فقتل بعضهم بعضاً

ومَكْر الله : استدراجه لعباده من حيث لا يعلمون

وكان عليه السلام يقول في دعائه : " اللهم امكر لي ولا تمكر عليّ

Isnin, 20 September 2010

Al-imran : 52


فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ

Maka tatkala Isa mengetahui keingkaran mereka (Bani lsrail) berkatalah dia: "Siapakah yang akan menjadi penolong-penolongku untuk (menegakkan agama) Allah?" Para hawariyyin (sahabat-sahabat setia) menjawab: "Kamilah penolong-penolong (agama) Allah, kami beriman kepada Allah; dan saksikanlah bahwa sesungguhnya kami adalah orang-orang yang berserah diri.


{ فَلَمَّا أَحَسَّ عيسى مِنْهُمُ }

(ك) أي: استشعر منهم التصميم على الكفر والاستمرار على الضلال

الإحساس عبارة عن وجدان الشيء بالحاسة وههنا وجهان أحدهما : أن يجري اللفظ على ظاهره ، وهو أنهم تكلموا بالكفر

والثاني : أن نحمله على التأويل ، وهو أن المراد أنه عرف منهم إصرارهم على الكفر ، وعزمهم على قتله

اختلفوا في السبب الذي به ظهر كفرهم
قال السدي : أنه تعالى لما بعثه رسولاً إلى بني إسرائيل جاءهم ودعاهم إلى دين الله فتمردوا وعصوا فخافهم واختفى عنهم ، وكان أمر عيسى عليه السلام في قومه كأمر محمد صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فكان مستضعفاً ، وكان يختفي من بني إسرائيل كما اختفى النبي صلى الله عليه وسلم في الغار

وفي منازل من آمن به لما أرادوا قتله ، ثم إنه عليه الصلاة والسلام خرج مع أمه يسيحان في الأرض ، فاتفق أنه نزل في قرية على رجل فأحسن ذلك الرجل ضيافته وكان في تلك المدينة ملك جبار فجاء ذلك الرجل يوماً حزيناً ، فسأله عيسى عن السبب فقال : ملك هذه المدينة رجل جبار ومن عادته أنه جعل على كل رجل منا يوماً يطعمه ويسقيه هو وجنوده ، وهذا اليوم نوبتي والأمر متعذر علي ، فلما سمعت مريم عليها السلام ذلك ، قالت : يا بني ادع الله ليكفي ذلك ، فقال : يا أماه إن فعلت ذلك كان شر ، فقالت : قد أحسن وأكرم ولا بد من إكرامه فقال عيسى عليه السلام : إذا قرب مجيء الملك فاملأ قدورك وخوابيك ماء ثم أعلمني ، فلما فعل ذلك دعا الله تعالى فتحول ما في القدور طبيخاً ، وما في الخوابي خمراً ، فلما جاءه الملك أكل وشرب وسأله من أين هذا الخمر؟ فتعلل الرجل في الجواب فلم يزل الملك يطالبه بذلك حتى أخبره بالواقعة فقال : إن من دعا الله حتى جعل الماء خمراً إذا دعا أن يحيي الله تعالى ولدي لا بد وأن يجاب ، وكان ابنه قد مات قبل ذلك بأيام ، فدعا عيسى عليه السلام وطلب منه ذلك ، فقال عيسى : لا نفعل ، فإنه إن عاش كان شراً ، فقال : ما أبالي ما كان إذا رأيته ، وإن أحييته تركتك على ما تفعل ، فدعا الله عيسى ، فعاش الغلام ، فلما رآه أهل مملكته قد عاش تبادروا بالسلاح واقتتلوا ، وصار أمر عيسى عليه السلام مشهوراً في الخلق ، وقصد اليهود قتله ، وأظهروا الطعن فيه والكفر به

إن اليهود كانوا عارفين بأنه هو المسيح المبشر به في التوراة ، وأنه ينسخ دينهم ، فكانوا من أول الأمر طاعنين فيه ، طالبين قتله ، فلما أظهر الدعوة اشتد غضبهم ، وأخذوا في إيذائه وإيحاشه وطلبوا قتله

إن عيسى عليه السلام ظن من قومه الذين دعاهم إلى الإيمان أنهم لا يؤمنون به وأن دعوته لا تنجح فيهم فأحب أن يمتحنهم ليتحقق ما ظنه بهم فقال لهم { مَنْ أَنصَارِى إِلَى الله } فما أجابه إلا الحواريون ، فعند ذلك أحس بأن من سوى الحواريين كافرون مصرون على إنكار دينه وطلب قتله

{ قَالَ مَنْ أَنصَارِى إِلَى الله }

أن عيسى عليه السلام لما دعا بني إسرائيل إلى الدين ، وتمردوا عليه فر منهم وأخذ يسيح في الأرض فمر بجماعة من صيادي السمك ، وكان فيهم شمعون ويعقوب ويوحنا ابنا زيدي وهم من جملة الحواريين الاثنى عشر فقال عيسى عليه السلام : الآن تصيد السمك ، فإن تبعتني صرت بحيث تصيد الناس لحياة الأبد ، فطلبوا منه المعجزة ، وكان شمعون قد رمى شبكته تلك الليلة في الماء فما اصطاد شيئاً فأمره عيسى بإلقاء شبكته في الماء مرة أخرى ، فاجتمع في تلك الشبكة من السمك ما كادت تتمزق منه ، واستعانوا بأهل سفينة أخرى ، وملؤا السفينتين ، فعند ذلك آمنوا بعيسى عليه السلام

قوله { إِلَى الله }

التقدير : من أنصاري حال ذهابي إلى الله أو حال التجائي إلى الله

التقدير : من أنصاري إلى أن أبين أمر الله تعالى ، وإلى أن أظهر دينه

أن يكون المعنى من أنصاري فيما يكون قربة إلى الله ووسيلة إليه ، وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا ضحى « اللّهم منك وإليك » أي تقرباً إليك

{ قَالَ الحواريون نَحْنُ أَنْصَارُ الله }

أن الحواري اسم موضوع لخاصة الرجل ، وخالصته ، ومنه يقال للدقيق حواري ، لأنه هو الخالص منه ، وقال صلى الله عليه وسلم للزبير : « إنه ابن عمتي ، وحواري من أمتي » والحواريات من النساء النقيات الألوان والجلود ، فعلى هذا الحواريون هم صفوة الأنبياء الذي خلصوا وأخلصوا في التصديق بهم وفي نصرتهم .

الحواري أصله من الحور ، وهو شدة البياض

الحور نقاء بياض العين ، وحورت الثياب : بيضتها

وعلى هذا القول اختلفوا في أن أولئك لم سموا بهذا الاسم؟ فقال سعيد بن جبير : لبياض ثيابهم ، وقيل كانوا قصارين ، يبيضون الثياب ، وقيل لأن قلوبهم كانت نقية طاهرة من كل نفاق وريبة فسموا بذلك مدحاً لهم ، وإشارة إلى نقاء قلوبهم ، كالثوب الأبيض

قال الضحاك : مرّ عيسى عليه السلام بقوم من الذين كانوا يغسلون الثياب ، فدعاهم إلى الإيمان فآمنوا ، والذي يغسل الثياب يسمى بلغة النبط هواري ، وهو القصار فعربت هذه اللفظة فصارت حواري

قال القفال : ويجوز أن يكون بعض هؤلاء الحواريين الاثني عشر من الملوك ، وبعضهم من صيادي السمك ، وبعضهم من القصارين ، والكل سموا بالحواريين لأنهم كانوا أنصار عيسى عليه السلام ، وأعوانه ، والمخلصين في محبته ، وطاعته ، وخدمته .

{ نَحْنُ أَنْصَارُ الله }

أي نحن أنصار دين الله وأنصار أنبيائه

{ آمنا بالله }

فهذا يجري مجرى ذكر العلة

{ واشهد بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }

أن ذلك إقرار منهم بأن دينهم الإسلام ، وأنه دين كل الأنبياء صلوات الله عليهم







Al-imran : 52


فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ

Maka tatkala Isa mengetahui keingkaran mereka (Bani lsrail) berkatalah dia: "Siapakah yang akan menjadi penolong-penolongku untuk (menegakkan agama) Allah?" Para hawariyyin (sahabat-sahabat setia) menjawab: "Kamilah penolong-penolong (agama) Allah, kami beriman kepada Allah; dan saksikanlah bahwa sesungguhnya kami adalah orang-orang yang berserah diri.


{ فَلَمَّا أَحَسَّ عيسى مِنْهُمُ }

(ك) أي: استشعر منهم التصميم على الكفر والاستمرار على الضلال

الإحساس عبارة عن وجدان الشيء بالحاسة وههنا وجهان أحدهما : أن يجري اللفظ على ظاهره ، وهو أنهم تكلموا بالكفر

والثاني : أن نحمله على التأويل ، وهو أن المراد أنه عرف منهم إصرارهم على الكفر ، وعزمهم على قتله

اختلفوا في السبب الذي به ظهر كفرهم
قال السدي : أنه تعالى لما بعثه رسولاً إلى بني إسرائيل جاءهم ودعاهم إلى دين الله فتمردوا وعصوا فخافهم واختفى عنهم ، وكان أمر عيسى عليه السلام في قومه كأمر محمد صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فكان مستضعفاً ، وكان يختفي من بني إسرائيل كما اختفى النبي صلى الله عليه وسلم في الغار

وفي منازل من آمن به لما أرادوا قتله ، ثم إنه عليه الصلاة والسلام خرج مع أمه يسيحان في الأرض ، فاتفق أنه نزل في قرية على رجل فأحسن ذلك الرجل ضيافته وكان في تلك المدينة ملك جبار فجاء ذلك الرجل يوماً حزيناً ، فسأله عيسى عن السبب فقال : ملك هذه المدينة رجل جبار ومن عادته أنه جعل على كل رجل منا يوماً يطعمه ويسقيه هو وجنوده ، وهذا اليوم نوبتي والأمر متعذر علي ، فلما سمعت مريم عليها السلام ذلك ، قالت : يا بني ادع الله ليكفي ذلك ، فقال : يا أماه إن فعلت ذلك كان شر ، فقالت : قد أحسن وأكرم ولا بد من إكرامه فقال عيسى عليه السلام : إذا قرب مجيء الملك فاملأ قدورك وخوابيك ماء ثم أعلمني ، فلما فعل ذلك دعا الله تعالى فتحول ما في القدور طبيخاً ، وما في الخوابي خمراً ، فلما جاءه الملك أكل وشرب وسأله من أين هذا الخمر؟ فتعلل الرجل في الجواب فلم يزل الملك يطالبه بذلك حتى أخبره بالواقعة فقال : إن من دعا الله حتى جعل الماء خمراً إذا دعا أن يحيي الله تعالى ولدي لا بد وأن يجاب ، وكان ابنه قد مات قبل ذلك بأيام ، فدعا عيسى عليه السلام وطلب منه ذلك ، فقال عيسى : لا نفعل ، فإنه إن عاش كان شراً ، فقال : ما أبالي ما كان إذا رأيته ، وإن أحييته تركتك على ما تفعل ، فدعا الله عيسى ، فعاش الغلام ، فلما رآه أهل مملكته قد عاش تبادروا بالسلاح واقتتلوا ، وصار أمر عيسى عليه السلام مشهوراً في الخلق ، وقصد اليهود قتله ، وأظهروا الطعن فيه والكفر به

إن اليهود كانوا عارفين بأنه هو المسيح المبشر به في التوراة ، وأنه ينسخ دينهم ، فكانوا من أول الأمر طاعنين فيه ، طالبين قتله ، فلما أظهر الدعوة اشتد غضبهم ، وأخذوا في إيذائه وإيحاشه وطلبوا قتله

إن عيسى عليه السلام ظن من قومه الذين دعاهم إلى الإيمان أنهم لا يؤمنون به وأن دعوته لا تنجح فيهم فأحب أن يمتحنهم ليتحقق ما ظنه بهم فقال لهم { مَنْ أَنصَارِى إِلَى الله } فما أجابه إلا الحواريون ، فعند ذلك أحس بأن من سوى الحواريين كافرون مصرون على إنكار دينه وطلب قتله

{ قَالَ مَنْ أَنصَارِى إِلَى الله }

أن عيسى عليه السلام لما دعا بني إسرائيل إلى الدين ، وتمردوا عليه فر منهم وأخذ يسيح في الأرض فمر بجماعة من صيادي السمك ، وكان فيهم شمعون ويعقوب ويوحنا ابنا زيدي وهم من جملة الحواريين الاثنى عشر فقال عيسى عليه السلام : الآن تصيد السمك ، فإن تبعتني صرت بحيث تصيد الناس لحياة الأبد ، فطلبوا منه المعجزة ، وكان شمعون قد رمى شبكته تلك الليلة في الماء فما اصطاد شيئاً فأمره عيسى بإلقاء شبكته في الماء مرة أخرى ، فاجتمع في تلك الشبكة من السمك ما كادت تتمزق منه ، واستعانوا بأهل سفينة أخرى ، وملؤا السفينتين ، فعند ذلك آمنوا بعيسى عليه السلام

قوله { إِلَى الله }

التقدير : من أنصاري حال ذهابي إلى الله أو حال التجائي إلى الله

التقدير : من أنصاري إلى أن أبين أمر الله تعالى ، وإلى أن أظهر دينه

أن يكون المعنى من أنصاري فيما يكون قربة إلى الله ووسيلة إليه ، وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا ضحى « اللّهم منك وإليك » أي تقرباً إليك

{ قَالَ الحواريون نَحْنُ أَنْصَارُ الله }

أن الحواري اسم موضوع لخاصة الرجل ، وخالصته ، ومنه يقال للدقيق حواري ، لأنه هو الخالص منه ، وقال صلى الله عليه وسلم للزبير : « إنه ابن عمتي ، وحواري من أمتي » والحواريات من النساء النقيات الألوان والجلود ، فعلى هذا الحواريون هم صفوة الأنبياء الذي خلصوا وأخلصوا في التصديق بهم وفي نصرتهم .

الحواري أصله من الحور ، وهو شدة البياض

الحور نقاء بياض العين ، وحورت الثياب : بيضتها

وعلى هذا القول اختلفوا في أن أولئك لم سموا بهذا الاسم؟ فقال سعيد بن جبير : لبياض ثيابهم ، وقيل كانوا قصارين ، يبيضون الثياب ، وقيل لأن قلوبهم كانت نقية طاهرة من كل نفاق وريبة فسموا بذلك مدحاً لهم ، وإشارة إلى نقاء قلوبهم ، كالثوب الأبيض

قال الضحاك : مرّ عيسى عليه السلام بقوم من الذين كانوا يغسلون الثياب ، فدعاهم إلى الإيمان فآمنوا ، والذي يغسل الثياب يسمى بلغة النبط هواري ، وهو القصار فعربت هذه اللفظة فصارت حواري

قال القفال : ويجوز أن يكون بعض هؤلاء الحواريين الاثني عشر من الملوك ، وبعضهم من صيادي السمك ، وبعضهم من القصارين ، والكل سموا بالحواريين لأنهم كانوا أنصار عيسى عليه السلام ، وأعوانه ، والمخلصين في محبته ، وطاعته ، وخدمته .

{ نَحْنُ أَنْصَارُ الله }

أي نحن أنصار دين الله وأنصار أنبيائه

{ آمنا بالله }

فهذا يجري مجرى ذكر العلة

{ واشهد بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }

أن ذلك إقرار منهم بأن دينهم الإسلام ، وأنه دين كل الأنبياء صلوات الله عليهم