Isnin, 25 Oktober 2010

Al-imran : 59


إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ

أجمع المفسرون على أن هذه الآية نزلت عند حضور وفد نجران على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان من جملة شبههم أن قالوا : يا محمد ، لما سلمت أنه لا أب له من البشر وجب أن يكون أبوه هو الله تعالى ، فقال : إن آدم ما كان له أب ولا أم ولم يلزم أن يكون ابناً لله تعالى

ونزلت هذه الآية بسبب وفد نجران حين أنكروا على النبيّ صلى الله عليه وسلم قوله : " «إن عيسى عبد الله وكلمته» فقالوا : أرِنا عبداً خلق من غير أب؛ فقال لهم النبيّ صلى الله عليه وسلم : «آدم من كان أبوه أعجبتم من عيسى ليس له أب؟ فآدم عليه السلام ليس له أب ولا أُم»

وروي أنه عليه السلام . لما دعاهم إلى الإسلام قالوا : قد كنا مسلمين قبلك . فقال : " كذبتم يمنعكم من الإسلام ثلاث : قولكم اتخذ الله ولداً ، وأكلكم الخنزير ، وسجودكم للصليب " فقالوا : من أبو عيسى؟ فأنزل الله تعالى : { إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ } إلى قوله : { فَنَجْعَل لَّعْنَةُ الله عَلَى الكاذبين }

{ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ ءَادَمَ }

في قدرة الله تعالى حيث خلقه من غير أب { كَمَثَلِ آدَمَ } فإن الله تعالى خلقه من غير أب ولا أم



أي صفته كصفة آدم

قال الزجاج : هذا كما تقول في الكلام مثلك كمثل زيد ، تريد أن تشبهه به في أمر من الأمور ، ثم تخبر بقصة زيد فتقول فعل كذا وكذا

اعلم أن العقل دل على أنه لا بد للناس من والد أول ، وإلا لزم أن يكون كل ولد مسبوق بوالد لا إلى أول وهو محال ، والقرآن دل على أن ذلك الوالد الأول هو آدم عليه السلام كما في هذه الآية ، وقال : { ياأيها الناس اتقوا رَبَّكُمُ الذى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحدة وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } [ النساء : 1 ] وقال : { هُوَ الذى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحدة وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } [ الأعراف : 189 ]

دليل على صحة القياس
والتشبيه واقع على أن عيسى خُلِقَ من غير أبٍ كآدم ، لا على أنه خلق من تراب . والشيء قد يشبه بالشيء وإن كان بينهما فرق كبير بعد أن يجتمعا في وصف واحد

{ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ }

أراد إظهار القدرة فخلق الشياطين من النار التي هي أضوأ الأجرام وابتلاهم بظلمات الضلالة ، وخلق الملائكة من الهواء الذي هو ألطف الأجرام وأعطاهم كمال الشدة والقوة ، وخلق آدم عليه السلام من التراب الذي هو أكثف الأجرام ، ثم أعطاه المحبة والمعرفة والنور والهداية ، وخلق السموات من أمواج مياه البحار وأبقاها معلقة في الهواء حتى يكون خلقه هذه الأجرام برهاناً باهراً ودليلاً ظاهراً على أنه تعالى هو المدبر بغير احتياج

خلق الإنسان من تراب ليكون مطفئاً لنار الشهوة ، والغضب ، والحرص ، فإن هذه النيران لا تطفأ إلا بالتراب وإنما خلقه من الماء ليكون صافياً تتجلى فيه صور الأشياء ، ثم إنه تعالى مزج بين الأرض والماء ليمتزج الكثيف فيصير طيناً

{ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }

يفيد تراخي هذا الخبر عن ذلك الخبر

وَقَوْلُ كُنْ تَعْبِيرٌ عَنْ تَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ بِتَكْوِينِهِ حَيًّا ذَا رُوحٍ لِيَعْلَمَ السَّامِعُونَ أَنَّ التكوين لَيْسَ بصنع يَدٍ، وَلَا نَحْتٍ بِآلَةٍ، وَلَكِنَّهُ بِإِرَادَةٍ وَتَعَلُّقِ قُدْرَةٍ وَتَسْخِيرِ الْكَائِنَاتِ الَّتِي لَهَا أَثَرٌ فِي تَكْوِينِ الْمُرَادِ

فَبِتِلْكَ الْكَلِمَةِ كَانَ آدَمُ أَيْضًا كَلِمَةً مِنَ اللَّهِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يُوصَفْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعِ احْتِيَاجٌ إِلَى ذَلِكَ لِفَوَاتِ زَمَانِهِ



Tiada ulasan:

Catat Ulasan