Khamis, 9 Disember 2010

bandingan air dan ilmu oleh Nabi

أبو موسى الاشعري (عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب)

أبو موسى الاشعري التميمي الفقيه المقرى

عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما

أم أبي موسى هي ظبية بنت وهب ; كانت أسلمت، وماتت بالمدينة

أسلم أبو موسى بمكة، وهاجر إلى الحبشة.
وأول مشاهده خيبر.

افتتح أصبهان زمن عمر

ولم يكن في الصحابة أحد أحسن صوتا منه : عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لقد أعطي أبو موسى مزمارا من مزامير آل داود "

عن أنس: أن أبا موسى قرأ ليلة، فقمن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يستمعن لقراءته


سمعت ابن بريدة يقول: كان الاشعري قصيرا، أثط، خفيف الجسم

عن عياض الاشعري، قال: لما نزلت: * (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) * [ المائدة: 57 ].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هم قومك يا أبا موسى، وأومأ إليه "

وقال الشعبي: يؤخذ العلم عن ستة: عمر، وعبد الله، وزيد، يشبه علمهم بعضه بعضا، وكان علي، وأبي، وأبو موسى يشبه علمهم بعضه بعضا، يقتبس بعضهم من بعض

عن الشعبي: قضاة الامة: عمر، وعلي، وزيد، وأبو موسى

لم يكن يفتى في المسجد زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير هؤلاء: عمر، وعلي، ومعاذ، وأبي موسى

كان أبو موسى إذا صلى الصبح، استقبل الصفوف رجلا رجلا يقرئهم

قال أبو عثمان النهدي: ما سمعت مزمارا ولا طنبورا ولا صنجا أحسن من صوت أبي موسى الاشعري ; إن كان ليصلي بنا فنود أنه قرأ البقرة، من حسن صوته
عن أنس: أن أبا موسى كان له سراويل يلبسه مخافة أن يتكشف

مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ

وَالْعِلْم الْمُرَاد بِهِ مَعْرِفَة الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة

قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَغَيْره : ضَرَبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ الدِّين مَثَلًا بِالْغَيْثِ الْعَامّ الَّذِي يَأْتِي فِي حَال حَاجَتهمْ إِلَيْهِ ، وَكَذَا كَانَ النَّاس قَبْل مَبْعَثه ، فَكَمَا أَنَّ الْغَيْث يُحْيِي الْبَلَد الْمَيِّت فَكَذَا عُلُوم الدِّين تُحْيِي الْقَلْب الْمَيِّت

وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأَرْض ثَلَاثَة أَنْوَاع ، وَكَذَلِكَ النَّاس .
فَالنَّوْع الْأَوَّل مِنْ الْأَرْض يَنْتَفِع بِالْمَطَرِ فَيَحْيَى بَعْد أَنْ كَانَ مَيِّتًا ، وَيُنْبِتُ الْكَلَأ ، فَتَنْتَفِعُ بِهَا النَّاس وَالدَّوَابّ وَالزَّرْع وَغَيْرهَا ، وَكَذَا النَّوْع الْأَوَّل مِنْ النَّاس ، يَبْلُغُهُ الْهُدَى وَالْعِلْم فَيَحْفَظُهُ فَيَحْيَا قَلْبه ، وَيَعْمَلُ بِهِ ، وَيُعَلِّمُهُ غَيْره ، فَيَنْتَفِعُ وَيَنْفَعُ .
وَالنَّوْع الثَّانِي مِنْ الْأَرْض مَا لَا تَقْبَلُ الِانْتِفَاع فِي نَفْسهَا ، لَكِنْ فِيهَا فَائِدَة ، وَهِيَ إِمْسَاك الْمَاء لِغَيْرِهَا ، فَيَنْتَفِعُ بِهَا النَّاس وَالدَّوَابّ ، وَكَذَا النَّوْع الثَّانِي مِنْ النَّاس ، لَهُمْ قُلُوب حَافِظَة ، لَكِنْ لَيْسَتْ لَهُمْ أَفْهَام ثَاقِبَة ، وَلَا رُسُوخَ لَهُمْ فِي الْعَقْل يَسْتَنْبِطُونَ بِهِ الْمَعَانِي وَالْأَحْكَام ، وَلَيْسَ عِنْدهمْ اِجْتِهَادٌ فِي الطَّاعَة وَالْعَمَل بِهِ ، فَهُمْ يَحْفَظُونَهُ حَتَّى يَأْتِيَ طَالِبٌ مُحْتَاجٌ مُتَعَطِّشٌ لِمَا عِنْدهمْ مِنْ الْعِلْم ، أَهْل لِلنَّفْعِ وَالِانْتِفَاع ، فَيَأْخُذهُ مِنْهُمْ ، فَيَنْتَفِع بِهِ ، فَهَؤُلَاءِ نَفَعُوا بِمَا بَلَغَهُمْ .
وَالنَّوْع الثَّالِث مِنْ الْأَرْض السِّبَاخ الَّتِي لَا تُنْبِتُ وَنَحْوهَا ، فَهِيَ لَا تَنْتَفِعُ بِالْمَاءِ ، وَلَا تُمْسِكُهُ لِيَنْتَفِعَ بِهَا غَيْرهَا ، وَكَذَا النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ النَّاس ، لَيْسَتْ لَهُمْ قُلُوب حَافِظَة ، وَلَا أَفْهَام وَاعِيَة ، فَإِذَا سَمِعُوا الْعِلْم لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ ، وَلَا يَحْفَظُونَهُ لِنَفْعِ غَيْرهمْ . وَاَللَّه أَعْلَم .

وَفِي هَذَا الْحَدِيث أَنْوَاع مِنْ الْعِلْم مِنْهَا ضَرْب الْأَمْثَال ، وَمِنْهَا فَضْل الْعِلْم وَالتَّعْلِيم وَشِدَّة الْحَثّ عَلَيْهِمَا ، وَذَمّ الْإِعْرَاض عَنْ الْعِلْم .




Isnin, 6 Disember 2010

Al-Imran : 64



قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ

دعاهم إلى المباهلة فخافوا وما شرعوا فيها وقبلوا الصغار بأداء الجزية ، وقد كان عليه السلام حريصاً على إيمانهم ، فكأنه تعالى قال : يا محمد اترك ذلك المنهج من الكلام واعدل إلى منهج آخر يشهد كل عقل سليم وطبع مستقيم أنه كلام مبني على الإنصاف وترك الجدال

{ قُلْ ياأهل الكتاب تَعَالَوْاْ إلى كَلِمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ }

{ يا أَهْلَ الكتاب } ففيه ثلاثة أقوال أحدها : المراد نصارى نجران والثاني : المراد يهود المدينة والثالث : أنها نزلت في الفريقين

روي في سبب النزول ، أن اليهود قالوا للنبي عليه الصلاة والسلام ، ما تريد إلا أن نتخذك رباً كما اتخذت النصارى عيسى! وقالت النصارى : يا محمد ما تريد إلا أن نقول فيك ما قالت اليهود في عزير

{ يا أهلَ الكتاب } وهذا الاسم من أحسن الأسماء وأكمل الألقاب حيث جعلهم أهلاً لكتاب الله ، ونظيره ، ما يقال لحافظ القرآن يا حامل كتاب الله ، وللمفسر يا مفسر كلام الله

فإن هذا اللقب يدل على أن قائله أراد المبالغة في تعظيم المخاطب وفي تطييب قلبه ، وذلك إنما يقال عند عدول الإنسان مع خصمه عن طريقة اللجاج والنزاع إلى طريقة طلب الإنصاف

{ تَعَالَوْاْ } فالمراد تعيين ما دعوا إليه والتوجه إلى النظر فيه وإن لم يكن انتقالاً من مكان إلى مكان لأن أصل اللفظ مأخوذ من التعالي وهو الارتفاع من موضع هابط إلى مكان عال ، ثم كثر استعماله حتى صار دالاً على طلب التوجه إلى حيث يدعى إليه

{ إلى كَلِمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا } فالمعنى هلموا إلى كلمة فيها إنصاف من بعضنا لبعض ، لا ميل فيه لأحد على صاحبه ، والسواء هو العدل والإنصاف ، وذلك لأن حقيقة الإنصاف إعطاء النصف ، فإن الواجب في العقول ترك الظلم على النفس وعلى الغير ، وذلك لا يحصل إلا بإعطاء النصف ، فإذا أنصف وترك ظلمه أعطاه النصف فقد سوى بين نفسه وبين غيره وحصل الاعتدال ، وإذا ظلم وأخذ أكثر مما أعطى زال الاعتدال فلما كان من لوازم العدل والإنصاف التسوية جعل لفظ التسوية عبارة عن العدل .

{ كَلِمَةٍ سَوَاء } أي كلمة عادلة مستقيمة مستوية ، فإذا آمنا بها نحن وأنتم كنا على السواء والاستقامة ، ثم قال : { أَن لا نَعْبُدَ إِلاَّ الله }

إنه تعالى ذكر ثلاثة أشياء أولها : { أَن لا نَعْبُدَ إِلاَّ الله } وثانيها : أن { لا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً } وثالثها : أن { لاَّ يَتَّخِذِ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مّن دُونِ الله } : لأن هذه الثلاثة أصل المكتوب في الكتب السماوية

وأما إنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله فيدل عليه وجوه :
أحدها : إنهم كانوا يطيعونهم في التحليل والتحريم
والثاني : إنهم كانوا يسجدون لأحبارهم
والثالث : قال أبو مسلم : من مذهبهم أن من صار كاملاً في الرياضة والمجاهدة يظهر فيه أثر حلول اللاهوت ، فيقدر على إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ، فهم وإن لم يطلقوا عليه لفظ الرب إلا أنهم أثبتوا في حقه معنى الربوبية
والرابع : هو أنهم كانوا يطيعون أحبارهم في المعاصي ، ولا معنى للربوبية إلا ذلك

إذا كان الخالق والمنعم بجميع النعم هو الله ، وجب أن لا يرجع في التحليل والتحريم والانقياد والطاعة إلا إليه ، دون الأحبار والرهبان ، فهذا هو شرح هذه الأمور الثلاثة

لا وَثَنا، ولا صنما، ولا صليبا ولا طاغوتا، ولا نارًا، ولا شيئًا (1) بل نُفْرِدُ العبادة لله وحده لا شريك له. وهذه دعوة جميع الرسل، قال الله تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ } [ الانبياء : 25 ] . [وقال تعالى] (2) { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } [ النحل : 36 ] .

{ وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ } وقال ابن جُرَيْج: يعني: يطيع بعضنا بعضا في معصية الله. وقال عكرمة: يعني: يسجد بعضنا لبعض.

عن أبي سفيان، في قصته حين دخل على قيصر، فسألهم عن نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صفته ونعته وما يدعو إليه، فأخبره بجميع ذلك على الجلية، مع أن أبا سفيان كان إذ ذاك مُشْركًا لم يُسْلم بعد، وكان ذلك بعد صُلْح الحُدَيْبِيَة وقبل الفتح، كما هو مُصَرّح به في الحديث، ولأنه لما قال (3) هل يغدر؟ قال : فقلت: لا ونحن منه في مُدة لا ندري ما هو صانع فيها. قال: ولم يمكني كلمة أزيد فيها شيئا سوى هذه: والغرض أنه قال: ثم جيء بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه، فإذا فيه:
"بِسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيم، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ إلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى. أَمَّا بَعْدُ، فَأَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللهُ أَجْرَك مَرَّتَيْنِ فَإِن (4) تَوَلَّيْتَ فإنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأريسيِّين، و { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } (5) .

{ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشهدوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }

فقولوا إنا مسلمون ، يعني أظهروا أنكم على هذا الدين ، لا تكونوا في قيد أن تحملوا غيركم عليه

يحتمل أن هذه الآية نزلت مرتين، مَرّةً قبل الحديبية، ومرة بعد الفتح

يحتمل أن قدوم وفد نجران كان قبل الحديبية، وأن الذي بذلوه مُصَالحةً عن المباهلة لا على وجه الجزية، بل يكون من باب المهادنة والمصالحة، ووافق نزول آية الجزية بعد ذلك على وفق ذلك كما جاء فرض الخمس والأربعة الأخماس وفق ما فعله عبد الله بن جحش في تلك السرية قبل بدر، ثم نزلت فريضة القسم على وفق ذلك.


Jumaat, 3 Disember 2010

al-baqarah : 11-12

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12)

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ

فمنهم من قال : ذلك القائل هو الله تعالى ، ومنهم من قال : هو الرسول عليه السلام ، ومنهم من قال بعض المؤمنين

فإما أن يكون الرسول عليه السلام بلغه عنهم النفاق ولم يقطع بذلك فنصحهم

وعن أناس (1) من أصحاب رسول الله (2) صلى الله عليه وسلم

لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ

الفساد خروج الشيء عن كونه منتفعاً به ، ونقيضه الصلاح فأما كونه فساداً في الأرض فإنه يفيد أمراً زائداً

قول ابن عباس والحسن وقتادة والسدي : أن المراد بالفساد في الأرض إظهار معصية الله تعالى

الفساد هو الكفر، والعمل بالمعصية.

وتضييعهم فرائضه، وشكّهم في دينه الذي لا يُقْبَلُ من أحد عمل إلا بالتصديق به والإيقان بحقيقته، وكذبهم المؤمنين بدعواهم غير ما هم عليه مقيمون من الشك والريب

أن يقال ذلك الفساد هو مداراة المنافقين للكافرين ومخالطتهم معهم ، لأنهم لما مالوا إلى الكفر مع أنهم في الظاهر مؤمنون أوهم ذلك ضعف الرسول صلى الله عليه وسلم وضعف أنصاره

كانوا يدعون في السر إلى تكذيبه ، وجحد الإسلام ، وإلقاء الشبه

وقد عَنَّ لي في بيان إيقاعهم الفساد أنه مراتب :
أولها : إفسادهم أنفسهم بالإصرار على تلك الأدواء القلبية التي أشرنا إليها فيما مضى وما يترتب عليها من المذام ويتولد من المفاسد .
الثانية : إفسادهم الناس ببث تلك الصفات والدعوة إليها ، وإفسادُهم أبناءهم وعيالهم في اقتدائهم بهم في مساويهم
الثالث : إفسادهم بالأفعال التي ينشأ عنها فساد المجتمع ، كإلقاء النميمة والعداوة وتسعير الفِتَن وتأليب الأحزاب على المسلمين وإحداث العقبات في طريق المصلحين


وكذلك يقال أفسد إذا عمَد إلى شيء صالح فأزالَ صلاحه ،
ويقال أفسَد إذا أَوْجد فساداً من أول الأمر


{ إنما نحن مصلحون }

واعلم أن العلماء استدلوا بهذه الآية على أن من أظهر الإيمان وجب إجراء حكم المؤمنين عليه

قالوا: إنما نحن على الهدى، مصلحون



{ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ المفسدون }

أنهم مفسدون لأن الكفر فساد في الأرض ، إذ فيه كفران نعمة الله ، وإقدام كل أحد على ما يهواه

وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ

ولكن من جهلهم لا يشعرون بكونه فسادًا


Isnin, 22 November 2010

Al-imran : 62-63


إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ

وكان سبب نزول هذه المباهلة وما قبلها من أول السورة إلى هنا في وفد نجران، أن النصارى حين قدموا فجعلوا يُحَاجّون في عيسى، ويزعمون فيه ما يزعمون من البنوة والإلهية، فأنزل الله صَدْرَ هذه السورة رَدا عليهم

{ إِنَّ هَذَا } إشارة إلى ما تقدم ذكره من الدلائل ، ومن الدعاء إلى المباهلة

{ لَهُوَ القصص الحق }

والقصص هو مجموع الكلام المشتمل على ما يهدي إلى الدين ، ويرشد إلى الحق ويأمر بطلب النجاة فبين تعالى إن الذي أنزله على نبيه هو القصص الحق ليكون على ثقة من أمره

قص فلان الحديث يقصه قصاً وقصصاً ، وأصله اتباع الأثر

فمعنى القصص الخبر المشتمل على المعاني المتتابعة

{ وَمَا مِنْ إله إِلاَّ الله }

وهذا يفيد تأكيد النفي

لأنك لو قلت عندي من الناس أحد ، أفاد أن عندك بعض الناس ، فإذا قلت ما عندي من الناس من أحد ، أفاد أنه ليس عندك بعضهم

{ وَإِنَّ الله لَهُوَ العزيز الحكيم } وفيه إشارة إلى الجواب عن شبهات النصارى

وذلك لأن اعتمادهم على أمرين أحدهما : أنه قدر على إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص فكأنه تعالى قال : هذا القدر من القدرة لا يكفي في الإلهية ، بل لا بد وأن يكون عزيزاً غالباً لا يدفع ولا يمنع ، وأنتم قد اعترفتم بأن عيسى ما كان كذلك ، وكيف وأنتم تقولون إن اليهود قتلوه؟

والثاني : أنهم قالوا : إنه كان يخبر عن الغيوب وغيرها ، فيكون إلها ، فكأنه تعالى قال : هذا القدر من العلم لا يكفي في الإلهية ، بل لا بد وأن يكون حكيماً ، أي عالماً بجميع المعلومات وبجميع عواقب الأمور

{ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ الله عَلِيمٌ بالمفسدين }

فإن تولوا عما وصفت من أن الله هو الواحد ، وأنه يجب أن يكون عزيزاً غالباً قادراً على جميع المقدورات ، حكيماً عالماً بالعواقب والنهايات مع أن عيسى عليه السلام ما كان عزيزاً غالباً ، وما كان حكيماً عالماً بالعواقب والنهايات



Isnin, 8 November 2010

Al-imran : 61


فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ

Siapa yang membantahmu tentang kisah Isa sesudah datang ilmu (yang meyakinkan kamu), maka katakanlah (kepadanya): "Marilah kita memanggil anak-anak kami dan anak-anak kamu, isteri-isteri kami dan isteri-isteri kamu, diri kami dan diri kamu; kemudian marilah kita bermubahalah kepada Allah dan kita minta supaya la'nat Allah ditimpakan kepada orang-orang yang dusta

اعلم أن الله تعالى بيّن في أول هذه السورة وجوهاً من الدلائل القاطعة على فساد قول النصارى بالزوجة والولد ، وأتبعها بذكر الجواب عن جميع شبههم على سبيل الاستقصاء التام ، وختم الكلام بهذه النكتة القاطعة لفساد كلامهم ، وهو أنه لما لم يلزم من عدم الأب والأم البشريين لآدم عليه السلام أن يكون ابناً لله تعالى لم يلزم من عدم الأب البشري لعيسى عليه السلام أن يكون ابناً لله ، تعالى الله عن ذلك ولما لم يبعد انخلاق آدم عليه السلام من التراب لم يبعد أيضاً انخلاق عيسى عليه السلام من الدم الذي كان يجتمع في رحم أم عيسى عليه السلام

{ فَمَنْ حَاجَّكَ }

بعد هذه الدلائل الواضحة والجوابات اللائحة فاقطع الكلام معهم وعاملهم بما يعامل به المعاند ، وهو أن تدعوهم إلى الملاعنة

أي في عيسى عليه السلام ، وقيل : الهاء تعود إلى الحق

فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من الله، والفَصْلُ من القضاء بينه وبينهم، وأمر بما أمر به من ملاعنتهم إنْ رَدّوا ذلك عليه، دعاهم إلى ذلك؛ فقالوا: يا أبا القاسم، دَعْنَا ننظر في أمرنا، ثم نأتيك بما نريد أن نفعل (4) فيما دعوتنا إليه، فانصرفوا عنه، ثم خَلَوْا بالعاقب، وكان ذا رأيهم، فقالوا: يا عبدَ المسيح، ماذا ترى؟ فقال: والله يا معشر النصارى لقد عرَفْتم أن محمدًا لنبيٌّ مرسل، ولقد جاءكم بالفَصْل من خَبَر صاحبكم، ولقد علمتم أنه ما لاعَن قوم نبيًا قط فبقي كبيرهم، ولا نبت صَغيرهم، وإنه للاستئصال (5) منكم إن فعلتم، فإن كنتم [قد] (6) أبيتم إلا إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم، فوادعُوا الرجلَ وانصرفوا إلى بلادكم.
فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا أبا القاسم، قد رأينا ألا نلاعنك، ونتركك على دينك، ونرجعَ على ديننا، ولكن ابعث معنا رجلا من أصحابك ترضاه لنا، يحكم بيننا في أشياء اختلفنا فيها من أموالنا، فإنكم (7) عندنا رضًا.

قال محمد بن جعفر: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ائْتُونِي الْعَشِيَّة أبعث معكم القوي الأمين"، فَكان (8) عمر بن الخطاب يقول: ما أحببت الإمارة قَطّ حُبّي إياها يومئذ، رجاء أن أكون صاحبها، فَرُحْتُ إلى الظهر مُهَجّرا، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهرَ سلَّم، ثم نَظَر عن يمينه وعن يساره، فجعلت أتطاول له ليراني، فلم يَزَلْ يلتمس ببصره حتى رأى أبا عُبَيدة بن الجَرَّاح، فدعاه: "اخْرُجْ معهم، فَاقْضِ بينهم بِالْحَقِّ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ". قال عمر: فذهب بها أبو عبيدة، رضي الله عنه

فقال: "لأبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلا أمينًا (2) حَقَّ أمِينٍ"، فاستشرفَ لها أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "قُمْ يَا أبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحٍِ" فلما قام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هَذَا أمِينُ هذه الأمَّةِ

عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لكل أُمَّةٍ أمينٌ وأمين هذه الأمَّة أبُو عبيدة بْنُ الْجَرَّاحِ"


{ مّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ العلم } [ البقرة : 145 ]

بأن عيسى عبد الله ورسوله عليه السلام وليس المراد ههنا بالعلم نفس العلم لأن العلم الذي في قلبه لا يؤثر في ذلك ، بل المراد بالعلم ما ذكره بالدلائل العقلية ، والدلائل الواصلة إليه بالوحي والتنزيل


{ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ }

فقال النصراني : أنا لا أقول في عيسى عليه السلام إنه كان نبياً بل أقول إنه كان إلها ، فقلت له الكلام في النبوّة لا بد وأن يكون مسبوقاً بمعرفة الإله وهذا الذي تقوله باطل ويدل عليه أن الإله عبارة عن موجود واجب الوجود لذاته ، يجب أن لا يكون جسماً ولا متحيزاً ولا عرضاً وعيسى عبارة عن هذا الشخص البشري الجسماني الذي وجد بعد أن كان معدوماً وقتل بعد أن كان حياً على قولكم وكان طفلاً أولاً ، ثم صار مترعرعاً ، ثم صار شاباً ، وكان يأكل ويشرب ويحدث وينام ويستيقظ ، وقد تقرر في بداهة العقول أن المحدث لا يكون قديماً والمحتاج لا يكون غنياً والممكن لا يكون واجباً والمتغير لا يكون دائماً .
في إبطال هذه المقالة أنكم تعترفون بأن اليهود أخذوه وصلبوه وتركوه حياً على الخشبة ، وقد مزقوا ضلعه ، وأنه كان يحتال في الهرب منهم ، وفي الاختفاء عنهم ، وحين عاملوه بتلك المعاملات أظهر الجزع الشديد ، فإن كان إلها أو كان الإله حالاً فيه أو كان جزءاً من الإله حالاً فيه ، فلم لم يدفعهم عن نفسه؟ ولم لم يهلكهم بالكلية؟

في بطلان قول النصارى ما ثبت بالتواتر أن عيسى عليه السلام كان عظيم الرغبة في العبادة والطاعة لله تعالى ، ولو كان إلها لاستحال ذلك ، لأن الإله لا يعبد نفسه

أن قلب العصا حية ، أبعد في العقل من إعادة الميت حياً ، لأن المشاكلة بين بدن الحي وبدن الميت أكثر من المشاكلة بين الخشبة وبين بدن الثعبان ، فإذا لم يوجب قلب العصا حية كون موسى إلها ولا ابناً للإله

روي أنه عليه السلام لما أورد الدلائل على نصارى نجران ، ثم إنهم أصروا على جهلهم ، فقال عليه السلام : « إن الله أمرني إن لم تقبلوا الحجة أن أباهلكم » فقالوا : يا أبا القاسم ، بل نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك فلما رجعوا قالوا للعاقب : وكان ذا رأيهم ، يا عبد المسيح ما ترى ، فقال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمداً نبي مرسل ، ولقد جاءكم بالكلام الحق في أمر صاحبكم ، والله ما باهل قوم نبياً قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ولئن فعلتم لكان الاستئصال فإن أبيتم إلا الإصرار على دينكم والإقامة على ما أنتم عليه ، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وعليه مرط من شعر أسود ، وكان قد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن ، وفاطمة تمشي خلفه ، وعلي رضي الله عنه خلفها ، وهو يقول ، إذا دعوت فأمنوا ، فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى ، إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها ، فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة ، ثم قالوا : يا أبا القاسم ، رأينا أن لا نباهلك وأن نقرك على دينك فقال صلوات الله عليه : « فإذا أبيتم الباهلة فأسلموا ، يكن لكم ما للمسلمين ، وعليكم ما على المسلمين » ، وعليكم ما على المسلمين ، فأبوا ، فقال : « فإني أناجزكم القتال » ، فقالوا ما لنا بحرب العرب طاقة ، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تردنا عن ديننا ، على أن نؤدي إليك في كل عام ألفي حلة : ألفا في صفر ، وألفا في رجب ، وثلاثين درعاً عادية من حديد ، فصالحهم على ذلك ، وقال : « والذي نفسي بيده ، إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران ، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ، ولاضطرم عليهم الوادي ناراً ، ولاستأصل الله نجران وأهله ، حتى الطير على رؤوس الشجر ، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا » ،

وروي أنه عليه السلام لما خرج في المرط الأسود ، فجاء الحسن رضي الله عنه فأدخله ، ثم جاء الحسين رضي الله عنه فأدخله ثم فاطمة ، ثم علي رضي الله عنهما ثم قال : { إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس أَهْلَ البيت وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً } [ الأحزاب : 33 ]

فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ

قال جابر: { وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ } رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وعليّ بن أبي طالب { وَأَبْنَاءَنَا } (4) الحسن والحسين { وَنِسَاءَنَا } فاطمة.

هذه الآية دالة على أن الحسن والحسين عليهما السلام كانا ابني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعد أن يدعو أبناءه ، فدعا الحسن والحسين ، فوجب أن يكونا ابنيه ، ومما يؤكد هذا قوله تعالى في سورة الأنعام { وَمِن ذُرّيَّتِهِ دَاوُودُ وسليمان } [ الأنعام : 84 ] إلى قوله { وَزَكَرِيَّا ويحيى وعيسى } [ الأنعام : 85 ] ومعلوم أن عيسى عليه السلام إنما انتسب إلى إبراهيم عليه السلام بالأم لا بالأب ، فثبت أن ابن البنت قد يسمى ابناً ، والله أعلم .

كان في الري رجل يقال له : محمود بن الحسن الحمصي ، وكان معلم الاثنى عشرية ، وكان يزعم أن علياً رضي الله عنه أفضل من جميع الأنبياء سوى محمد عليه السلام ، قال : والذي يدل عليه قوله تعالى : { وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ } وليس المراد بقوله { وَأَنفُسَنَا } نفس محمد صلى الله عليه وسلم لأن الإنسان لا يدعو نفسه بل المراد به غيره ، وأجمعوا على أن ذلك الغير كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فدلت الآية على أن نفس علي هي نفس محمد ، ولا يمكن أن يكون المراد منه ، أن هذه النفس هي عين تلك النفس ، فالمراد أن هذه النفس مثل تلك النفس

« من أراد أن يرى آدم في علمه ، ونوحاً في طاعته ، وإبراهيم في خلته ، وموسى في هيبته ، وعيسى في صفوته ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه » فالحديث دل على أنه اجتمع فيه ما كان متفرقاً فيهم ، وذلك يدل على أن علياً رضي الله عنه أفضل من جميع الأنبياء سوى محمد صلى الله عليه وسلم ، وأما سائر الشيعة فقد كانوا قديماً وحديثاً يستدلون بهذه الآية على أن علياً رضي الله عنه مثل نفس محمد عليه السلام إلا فيما خصه الدليل ، وكان نفس محمد أفضل من الصحابة رضوان الله عليهم ، فوجب أن يكون نفس علي أفضل أيضاً من سائر الصحابة ، هذا تقدير كلام الشيعة ، والجواب : أنه كما انعقد الإجماع بين المسلمين على أن محمداً عليه السلام أفضل من علي ، فكذلك انعقد الإجماع بينهم قبل ظهور هذا الإنسان ، على أن النبي أفضل ممن ليس بنبي ، وأجمعوا على أن علياً رضي الله عنه ما كان نبياً ، فلزم القطع بأن ظاهر الآية كما أنه مخصوص في حق محمد صلى الله عليه وسلم ، فكذلك مخصوص في حق سائر الأنبياء عليهم السلام

{ ثُمَّ نَبْتَهِلْ }

والابتهال فيه وجهان
أحدهما : أن الابتهال هو الاجتهاد في الدعاء ، وإن لم يكن باللعن ، ولا يقال : ابتهل في الدعاء إلا إذا كان هناك اجتهاد
والثاني : أنه مأخوذ من قولهم عليه بهلة الله ، أي لعنته وأصله مأخوذ مما يرجع إلى معنى اللعن ، لأن معنى اللعن هو الإبعاد والطرد وبهله الله ، أي لعنه وأبعده من رحمته

كالناقة الباهل التي لا حافظ لها في ضرعها ، فكل من شاء حلبها وأخذ لبنها لا قوة لها في الدفع عن نفسها ، ويقال أيضاً : رجل باهل ، إذا لم يكن معه عصاً ، وإنما معناه أنه ليس معه ما يدفع عن نفسه

{ فَنَجْعَل لَّعْنَتُ الله عَلَى الكاذبين }

الأولاد إذا كانوا صغاراً لم يجز نزول العذاب بهم وقد ورد في الخبر أنه صلوات الله عليه أدخل في المباهلة الحسن والحسين عليهما السلام فما الفائدة فيه؟ .
والجواب : إن عادة الله تعالى جارية بأن عقوبة الاستئصال إذا نزلت بقوم هلكت معهم الأولاد والنساء ، فيكون ذلك في حق البالغين عقاباً ، وفي حق الصبيان لا يكون عقاباً ، بل يكون جارياً مجرى إماتتهم وإيصال الآلام والأسقام إليهم ومعلوم أن شفقة الإنسان على أولاده وأهله شديدة جداً فربما جعل الإنسان نفسه فداءً لهم وجنة لهم ، وإذا كان كذلك فهو عليه السلام أحضر صبيانه ونساءه مع نفسه وأمرهم بأن يفعلوا مثل ذلك ليكون ذلك أبلغ في الزجر وأقوى في تخويف الخصم ، وأدل على وثوقه صلوات الله عليه وعلى آله بأن الحق معه
هل دلت هذه الواقعة على صحة نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ .
الجواب : أنها دلّت على صحة نبوته عليه السلام من وجهين أحدهما : وهو أنه عليه السلام خوفهم بنزول العذاب عليهم ، ولو لم يكن واثقاً بذلك ، لكان ذلك منه سعياً في إظهار كذب نفسه لأن بتقدير : أن يرغبوا في مباهلته ، ثم لا ينزل العذاب ، فحينئذ كان يظهر كذبه فيما أخبر ومعلوم أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان من أعقل الناس ، فلا يليق به أن يعمل عملاً يفضي إلى ظهور كذبه فلما أصر على ذلك علمنا أنه إنما أصر عليه لكونه واثقاً بنزول العذاب عليهم وثانيهما : إن القوم لما تركوا مباهلته ، فلولا أنهم عرفوا من التوراة والإنجيل ما يدل على نبوته ، وإلا لما أحجموا عن مباهلته

Khamis, 4 November 2010

Al-baqarah : 10


فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ

{ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } فاعلم أن المرض صفة توجب وقوع الضرر في الأفعال الصادرة عن موضع تلك الصفة

ولما كان الأثر الخاص بالقلب إنما هو معرفة الله تعالى وطاعته وعبوديته

يحمل المرض على الغم ، لأنه يقال مرض قلبي من أمر كذا ، والمعنى أن المنافقين مرضت قلوبهم لما رأوا ثبات أمر النبي صلى الله عليه وسلم واستعلاء شأنه يوماً فيوماً

{ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } قال: شَكٌّ، { فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا } قال: شكًّا

وعن عكرمة، وطاوس: { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } يعني: الرياء

والمرض عبارة مستعارة للفساد الذي في عقائدهم

{ فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا } محمولاً على الكفر والجهل

أنه تعالى ذكر هذه الآيات في معرض الذم لهم على كفرهم

روي أنه عليه السلام مر بعبد الله بن أبي بن سلول على حمار ، فقال له نح حمارك يا محمد فقد آذتني ريحه ، فقال له بعض الأنصار اعذره يا رسول الله ، فقد كنا عزمنا على أن نتوجه الرياسة قبل أن تقدم علينا : فهؤلاء لما اشتد عليهم الغم وصف الله تعالى ذلك فقال : { فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا } أي زادهم الله غماً على غمهم بما يزيد في إعلاء أمر النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيم شأنه

فكذا المرض ههنا إنما هو الفتور في النية ، وذلك لأنهم في أول الأمر كانت قلوبهم قوية على المحاربة والمنازعة وإظهار الخصومة ، ثم انكسرت شوكتهم فأخذوا في النفاق بسبب ذلك الخوف والإنكسار ، فقال تعالى : { فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا } أي زادهم ذلك الانكسار والجبن والضعف

أن يحمل المرض على ألم القلب ، وذلك أن الإنسان إذا صار مبتلى بالحسد والنفاق ومشاهدة المكروه ، فإذا دام به ذلك فربما صار ذلك سبباً لغير مزاج القلب وتألمه ، وحمل اللفظ على هذا الوجه حمل له على حقيقته ، فكان أولى من سائر الوجوه

{ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

فإن كان الله تعالى خلق ذلك فيهم كما خلق لونهم وطولهم ، فأي ذنب لهم حتى يعذبهم؟

أنه تعالى أضافه إليهم بقوله : { بِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ } وعلى هذا وصفهم تعالى بأنهم مفسدون في الأرض ، وأنهم هم السفهاء ، وأنهم إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم

{ بِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ }

أن الكذب هو الخبر عن شيء على خلاف ما هو به

الْكَذِبُ الْقَوْلِيُّ، وَالْكَذِبُ الْفِعْلِيُّ وَهُوَ الْخِدَاعُ،

أن كذبهم علة للعذاب الأليم

وذلك يقتضي أن يكون كل كذب حراماً فأما ما روي أن إبراهيم عليه السلام كذب ثلاث كذبات ، فالمراد التعريض ، ولكن لما كانت صورته صورة الكذب سمي به .

وقد سئل القرطبي وغيره من المفسرين عن حكمة كفه، عليه السلام، عن قتل المنافقين مع علمه بأعيان بعضهم، وذكروا أجوبة عن ذلك منها ما ثبت في الصحيحين: أنه قال لعمر: "أكره أن يتحدث العرب أن محمدًا يقتل أصحابه" (1) ومعنى هذا خشية أن يقع بسبب ذلك تغير لكثير من الأعراب عن الدخول في الإسلام ولا يعلمون حكمة قتله لهم، وأن قتله إياهم إنما هو على الكفر، فإنهم إنما يأخذونه بمجرد ما يظهر لهم فيقولون: إن محمدًا يقتل أصحابه


Selasa, 2 November 2010

HADIS : GHURABA'

بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ

( طُوبَى )
فُعْلَى مِنْ الطِّيب

مَعْنَاهُ أَصَابُوا خَيْرًا

وَقَالَ اِبْن عَجْلَان : دَوَام الْخَيْر

وَأَنَّ الْإِسْلَام بَدَأَ فِي آحَاد مِنْ النَّاس وَقِلَّة ثُمَّ اِنْتَشَرَ وَظَهَرَ ثُمَّ سَيَلْحَقُهُ النَّقْص وَالْإِخْلَال حَتَّى لَا يَبْقَى إِلَّا فِي آحَاد وَقِلَّة أَيْضًا كَمَا بَدَأَ

( الْغُرَبَاء ) وَهُمْ النُّزَّاع مِنْ الْقَبَائِل

قَالَ الْهَرَوِيُّ : أَرَادَ بِذَلِكَ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ هَجَرُوا أَوْطَانهمْ إِلَى اللَّه تَعَالَى

عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ مَعْنَاهُ فِي الْمَدِينَةِ وَأَنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ بِهَا غَرِيبًا وَسَيَعُودُ إِلَيْهَا

قَالَ الْقَارِي : وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ سُنَّتِهِ

قيل يا رسول الله من الغرباء؟ قال الذين يصلحون إذا فسد الناس

فالمقصود أن الغرباء هم أهل الاستقامة، واستقاموا على دين الله ووحدوا الله وأخلصوا له العبادة واستقاموا على الصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر أمور الدين، هؤلاء هم الغرباء،

فالإسلام بدأ قليلا غريبا في مكة لم يؤمن به إلا القليل، وأكثر الخلق عادوه وعاندوا النبي صلى الله عليه وسلم وآذوه، وآذوا أصحابه الذين أسلموا، ثم انتقل إلى المدينة مهاجرا وانتقل معه من قدر من أصحابه، وكان غريبا أيضا حتى كثر أهله في المدينة وفي بقية الأمصار، ثم دخل الناس في دين الله أفواجا بعد أن فتح الله على نبيه مكة عليه الصلاة والسلام، فأوله كان غريبا بين الناس وأكثر الخلق على الكفر بالله والشرك بالله وعبادة الأصنام والأنبياء والصالحين والأشجار والأحجار ونحو ذلك

Isnin, 1 November 2010

Al-imran : 60


الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60)


{ الحق } خبر مبتدأ محذوف ، والمعنى : الذي أنبأتك من قصة عيسى عليه السلام

وخبره قوله { مِن رَبّكَ } وهذا كما تقول الحق من الله ، والباطل من الشيطان

الامتراء الشك

قال أبو مسلم المراد أن هذا الذي أنزلت عليك هو الحق من خبر عيسى عليه السلام لا ما قالت النصارى واليهود ، فالنصارى قالوا : إن مريم ولدت إلها ، واليهود رموا مريم عليها السلام بالإفك ونسبوها إلى يوسف النجار ، فالله تعالى بيّن أن هذا الذي أنزل في القرآن هو الحق ثم نهى عن الشك فيه ، ومعنى ممتري مفتعل من المرية وهي الشك

أن المراد أن الحق في بين هذه المسألة ما ذكرناه من المثل وهو قصة آدم عليه السلام فإنه لا بيان لهذه المسألة ولا برهان أقوى من التمسك بهذه الواقعة

{ فَلاَ تَكُنْ مّن الممترين }



Isnin, 25 Oktober 2010

Al-imran : 59


إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ

أجمع المفسرون على أن هذه الآية نزلت عند حضور وفد نجران على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان من جملة شبههم أن قالوا : يا محمد ، لما سلمت أنه لا أب له من البشر وجب أن يكون أبوه هو الله تعالى ، فقال : إن آدم ما كان له أب ولا أم ولم يلزم أن يكون ابناً لله تعالى

ونزلت هذه الآية بسبب وفد نجران حين أنكروا على النبيّ صلى الله عليه وسلم قوله : " «إن عيسى عبد الله وكلمته» فقالوا : أرِنا عبداً خلق من غير أب؛ فقال لهم النبيّ صلى الله عليه وسلم : «آدم من كان أبوه أعجبتم من عيسى ليس له أب؟ فآدم عليه السلام ليس له أب ولا أُم»

وروي أنه عليه السلام . لما دعاهم إلى الإسلام قالوا : قد كنا مسلمين قبلك . فقال : " كذبتم يمنعكم من الإسلام ثلاث : قولكم اتخذ الله ولداً ، وأكلكم الخنزير ، وسجودكم للصليب " فقالوا : من أبو عيسى؟ فأنزل الله تعالى : { إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ } إلى قوله : { فَنَجْعَل لَّعْنَةُ الله عَلَى الكاذبين }

{ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ ءَادَمَ }

في قدرة الله تعالى حيث خلقه من غير أب { كَمَثَلِ آدَمَ } فإن الله تعالى خلقه من غير أب ولا أم



أي صفته كصفة آدم

قال الزجاج : هذا كما تقول في الكلام مثلك كمثل زيد ، تريد أن تشبهه به في أمر من الأمور ، ثم تخبر بقصة زيد فتقول فعل كذا وكذا

اعلم أن العقل دل على أنه لا بد للناس من والد أول ، وإلا لزم أن يكون كل ولد مسبوق بوالد لا إلى أول وهو محال ، والقرآن دل على أن ذلك الوالد الأول هو آدم عليه السلام كما في هذه الآية ، وقال : { ياأيها الناس اتقوا رَبَّكُمُ الذى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحدة وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } [ النساء : 1 ] وقال : { هُوَ الذى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحدة وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } [ الأعراف : 189 ]

دليل على صحة القياس
والتشبيه واقع على أن عيسى خُلِقَ من غير أبٍ كآدم ، لا على أنه خلق من تراب . والشيء قد يشبه بالشيء وإن كان بينهما فرق كبير بعد أن يجتمعا في وصف واحد

{ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ }

أراد إظهار القدرة فخلق الشياطين من النار التي هي أضوأ الأجرام وابتلاهم بظلمات الضلالة ، وخلق الملائكة من الهواء الذي هو ألطف الأجرام وأعطاهم كمال الشدة والقوة ، وخلق آدم عليه السلام من التراب الذي هو أكثف الأجرام ، ثم أعطاه المحبة والمعرفة والنور والهداية ، وخلق السموات من أمواج مياه البحار وأبقاها معلقة في الهواء حتى يكون خلقه هذه الأجرام برهاناً باهراً ودليلاً ظاهراً على أنه تعالى هو المدبر بغير احتياج

خلق الإنسان من تراب ليكون مطفئاً لنار الشهوة ، والغضب ، والحرص ، فإن هذه النيران لا تطفأ إلا بالتراب وإنما خلقه من الماء ليكون صافياً تتجلى فيه صور الأشياء ، ثم إنه تعالى مزج بين الأرض والماء ليمتزج الكثيف فيصير طيناً

{ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }

يفيد تراخي هذا الخبر عن ذلك الخبر

وَقَوْلُ كُنْ تَعْبِيرٌ عَنْ تَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ بِتَكْوِينِهِ حَيًّا ذَا رُوحٍ لِيَعْلَمَ السَّامِعُونَ أَنَّ التكوين لَيْسَ بصنع يَدٍ، وَلَا نَحْتٍ بِآلَةٍ، وَلَكِنَّهُ بِإِرَادَةٍ وَتَعَلُّقِ قُدْرَةٍ وَتَسْخِيرِ الْكَائِنَاتِ الَّتِي لَهَا أَثَرٌ فِي تَكْوِينِ الْمُرَادِ

فَبِتِلْكَ الْكَلِمَةِ كَانَ آدَمُ أَيْضًا كَلِمَةً مِنَ اللَّهِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يُوصَفْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعِ احْتِيَاجٌ إِلَى ذَلِكَ لِفَوَاتِ زَمَانِهِ



Isnin, 18 Oktober 2010

Al-imran : 57 - 58


وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ

قرأ حفص عن عاصم { فَيُوَفّيهِمْ } بالياء ، يعني فيوفيهم الله ، والباقون بالنون حملاً على ما تقدم من قوله { فاحكم فَأُعَذّبُهُمْ }

ذكر الذين آمنوا ، ثم وصفهم بأنهم عملوا الصالحات ، وذلك يدل على أن العمل الصالح خارج عن مسمى الإيمان

احتج من قال بأن العمل علة للجزاء بقوله { فَيُوَفّيهِمْ أُجُورَهُمْ } فشبههم في عبادتهم لأجل طلب الثواب بالمستأجر

أُجُورَهُمْ } أي: في الدنيا والآخرة، في الدنيا بالنصر والظفر، وفي الآخرة بالجنات العاليات

وَالتَّقْدِير فيوفيهم أُجُورَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِدَلِيلِ مُقَابِلِهِ فِي ضِدِّهِمْ مِنْ قَوْلِهِ: فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ

وَتَوْفِيَةُ الْأُجُورِ فِي الدُّنْيَا تَظْهَرُ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ: مِنْهَا رِضَا اللَّهِ عَنْهُمْ، وَبَرَكَاتُهُ مَعَهُمْ، وَالْحَيَاةُ الطَّيِّبَةُ، وَحُسْنُ الذِّكْرِ

{ والله لاَ يُحِبُّ الظالمين }

أن المحبة عبارة عن إرادة إيصال الخير إليه

وَجُمْلَةُ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ تَذْيِيلٌ، وَفِيهَا اكْتِفَاءٌ: أَيْ وَيُحِبُّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ

{ ذلك }

إشارة إلى ما تقدم من نبأ عيسى وزكريا وغيرهما

نَتْلُوهُ عَلَيْكَ

التلاوة والقصص واحد في المعنى ، فإن كلا منهما يرجع معناه إلى شيء يذكر بعضه على إثر بعض

{ مِنَ الأيات }

يحتمل أن يكون المراد منه ، أن ذلك من آيات القرآن ويحتمل أن يكون المراد منه أنه من العلامات الدالة على ثبوت رسالتك ، لأنها أخبار لا يعلمها إلا قارىء من كتاب أو من يوحى إليه ، فظاهر أنك لا تكتب ولا تقرأ ، فبقي أن ذلك من الوحي

{ والذكر الحكيم }

المراد منه القرآن : إنه بمعنى الحاكم مثل القدير والعليم ، والقرآن حاكم بمعنى أن الأحكام تستفاد منه

معناه ذو الحكمة في تأليفه ونظمه وكثرة علومه

القول الثاني : أن المراد بالذكر الحكيم ههنا غير القرآن ، وهو اللوح المحفوظ الذي منه نقلت جميع الكتب المنزلة على الأنبياء عليهم السلام





Isnin, 11 Oktober 2010

Al-imran : 56


فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ

اعلم أنه تعالى لما ذكر { إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } [ آل عمران : 55 ] بيّن بعد ذلك مفصلاً ما في ذلك الاختلاف

أما الاختلاف فهو أن كفر قوم وآمن آخرون ، وأما الحكم فيمن كفر فهو أن يعذبه عذاباً شديداً في الدنيا والآخرة ،

فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا

القتل والسبي وما شاكله

ما يلحق الكافر من الأمراض والمصائب

وقد اختلفوا في أن ذلك هل هو عقاب أم لا؟ قال بعضهم : إنه عقاب في حق الكافر ، وإذا وقع مثله للمؤمن فإنه لا يكون عقاباً بل يكون ابتلاءً وامتحاناً

وكذلك فعل تعالى (11) بمن كفر بالمسيح من اليهود، أو غلا فيه وأطراه من النصارى؛ عَذبهم في الدنيا بالقتل والسبي وأخْذ الأموال وإزالة الأيدي عن الممالك، وفي الدار الآخرة عَذابُهم أشد وأشق
وَلَا يَجِدُونَ ناصرين ينصرونهم علينا فِي تَعْذِيبِهِمُ الَّذِي قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى

فَأَمَّا عَذَابُ الدُّنْيَا فَهُوَ يَجْرِي عَلَى نِظَامِ أَحْوَالِ الدُّنْيَا: مِنْ شِدَّةٍ وَضَعْفٍ وَعَدَمِ اسْتِمْرَارٍ، فَمَعْنَى انْتِفَاءِ النَّاصِرِينَ لَهُمْ مِنْهُ انْتِفَاءُ النَّاصِرِينَ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي قَدَّرَهَا اللَّهُ لِتَعْذِيبِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَهَذَا مُتَفَاوِتٌ، وَقَدْ وَجَدَ الْيَهُودُ نَاصِرِينَ فِي بَعْضِ الْأَزْمَانِ مِثْلَ قِصَةِ اسْتِيرَ فِي الْمَاضِي وَقَضِيَّةِ فِلَسْطِينَ فِي هَذَا الْعَصْرِ.

وَعَذَابُ الدُّنْيَا هُوَ زَوَالُ الْمُلْكِ وَضَرْبُ الذِّلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ وَالْجِزْيَةِ، وَالتَّشْرِيدُ فِي الْأَقْطَارِ، وَكَوْنُهُمْ يَعِيشُونَ تَبَعًا لِلنَّاسِ، وَعَذَابُ الْآخِرَةِ هُوَ جَهَنَّمُ




Selasa, 5 Oktober 2010

Al-imran : 55

Al-imran : 55

إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ

(Ingatlah), ketika Allah berfirman: "Hai Isa, sesungguhnya Aku akan menyampaikan kamu kepada akhir ajalmu dan mengangkat kamu kepada-Ku serta membersihkan kamu dari orang-orang yang kafir, dan menjadikan orang-orang yang mengikuti kamu di atas orang-orang yang kafir hingga hari kiamat. Kemudian hanya kepada Akulah kembalimu, lalu Aku memutuskan diantaramu tentang hal-hal yang selalu kamu berselisih padanya."

{ إِذْ } قوله { وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله والله خَيْرُ الماكرين } أي وجد هذا المكر إذ قال الله هذا القول

{ إِنّي مُتَوَفّيكَ }

متمم عمرك فحينئذ أتوفاك ، فلا أتركهم حتى يقتلوك
والمقصود أن لا يصل أعداؤه من اليهود إلى قتله ثم إنه بعد ذلك أكرمه بأن رفعه إلى السماء

أي أجعلك كالمتوفى لأنه إذا رفع إلى السماء وانقطع خبره وأثره عن الأرض كان كالمتوفى

في تأويل الآية أن الواو في قوله { مُتَوَفّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ } تفيد الترتيب

وقد ثبت الدليل أنه حي وورد الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم : « أنه سينزل ويقتل الدجال » ثم إنه تعالى يتوفاه بعد ذلك

أن المراد { إِنّي مُتَوَفّيكَ } عن شهواتك وحظوظ نفسك

أن يقدر فيه حذف المضاف والتقدير : متوفي عملك بمعنى مستوفي عملك { وَرَافِعُكَ إِلَىَّ } أي ورافع عملك إلي

والمراد من هذه الآية أنه تعالى بشّره بقبول طاعته وأعماله ، وعرفه أن ما يصل إليه من المتاعب والمشاق في تمشية دينه وإظهار شريعته من الأعداء فهو لا يضيع أجره ولا يهدم ثوابه

{ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ }

عيسى لما رفع إلى السماء صار حاله كحال الملائكة في زوال الشهوة ، والغضب والأخلاق الذميمة .


إن التوفي أخذ الشيء وافياً ، ولما علم الله إن من الناس من يخطر بباله أن الذي رفعه الله هو روحه لا جسده ذكر هذا الكلام ليدل على أنه عليه الصلاة والسلام رفع بتمامه إلى السماء بروحه وبجسده

والمشبهة يتمسكون بهذه الآية في إثبات المكان لله تعالى وأنه في المساء ، وقد دللنا في المواضع الكثيرة من هذا الكتاب بالدلائل القاطعة على أنه يمتنع كونه تعالى في المكان فوجب حمل اللفظ على التأويل
وهو من وجوه :
الوجه الأول : أن المراد إلى محل كرامتي ، وجعل ذلك رفعاً إليه للتفخيم والتعظيم
لوجه الثاني : معناه إنه يرفع إلى مكان لا يملك الحكم عليه فيه غير الله

هو الرفعة بالدرجة والمنقبة ،

{ وَمُطَهّرُكَ مِنَ الذين كَفَرُواْ }

والمعنى مخرجك من بينهم ومفرق بينك وبينهم

{ وَجَاعِلُ الذين اتبعوك فَوْقَ الذين كَفَرُواْ إلى يَوْمِ القيامة }

الذين اتبعوا دين عيسى يكونون فوق الذين كفروا به ، وهم اليهود بالقهر والسلطان والاستعلاء إلى يوم القيامة ، فيكون ذلك إخباراً عن ذل اليهود وإنهم يكونون مقهورين إلى يوم القيامة

أن المراد من هذه الفوقية الفوقية بالحجة والدليل

{ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود: "إنَّ عِيسَى لمَْ يَمُتْ، وَإنَّه رَاجِع إلَيْكُمْ قَبْلَ يَوْمِ الْقَيامَةِ"

في القيامة فإنه يحكم بين المؤمنين به ، وبين الجاحدين برسالته

فإني إذا رأيت ولدي ثم رأيته ثانياً فحينئذ أجوز أن يكون هذا الذي رأيته ثانياً ليس بولدي بل هو إنسان ألقي شبهه عليه وحينئذ يرتفع الأمان على المحسوسات

أن النصارى على كثرتهم في مشارق الأرض ومغاربها وشدة محبتهم للمسيح عليه السلام ، وغلوهم في أمره أخبروا أنهم شاهدوه مقتولاً مصلوباً

Khamis, 30 September 2010

Al-baqarah : 9

Al-baqarah : 9

يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ

من قبائح المنافقين أربعة أشياء : أحدها : ما ذكره في هذه الآية ، وهو أنهم { يخادعون الله والذين ءَامَنُوا }

{ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا } أي: بإظهارهم ما أظهروه من الإيمان مع إسرارهم الكفر، يعتقدون بجهلهم أنهم يخدعون الله بذلك، وأن ذلك نافعهم عنده

يظهرون "لا إله إلا الله" يريدون أن يحرزوا بذلك دماءهم وأموالهم، وفي أنفسهم غير ذلك

خَنعُ الأخلاق يصدّق بلسانه وينكر بقلبه ويخالف بعمله

لا شبهة في أن الخديعة مذمومة ، والمذموم يجب أن يميز من غيره لكي لا يفعل

وأصل هذه اللفظة الإخفاء ، وسميت الخزانة المخدع ، والأخدعان عرقان في العنق لأنهما خفيان . وقالوا : خدع الضب خدعاً إذا توارى في جحره فلم يظهر إلا قليلاً

حدها فهو إظهار ما يوهم السلامة والسداد ، وإبطان ما يقتضي الإضرار بالغير والتخلص منه

وكل ذلك بخلاف ما يقتضيه الدين؛ لأن الدين يوجب الاستقامة والعدول عن الغرور والإساءة

إن مخادعة الله تعالى ممتنعة من وجهين : الأول : أنه تعالى يعلم الضمائر والسرائر

الثاني : أن المنافقين لم يعتقدوا أن الله بعث الرسول إليهم فلم يكن قصدهم في نفاقهم مخادعة الله تعالى

فالمنافقون لما خادعوا الرسول قيل إنهم خادعوا الله تعالى

أنهم دفعوا عن أنفسهم أحكام الكفار مثل القتل ، لقوله عليه الصلاة والسلام :
" أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله "

أنهم كانوا يطمعون في أموال الغنائم

قرأ نافع وابن كثير وأبو عمر «وما يخادعون» والباقون «يخدعون» وحجة الأولين : مطابقة اللفظ حتى يكون مطابقاً للفظ الأول ، وحجة الباقين أن المخادعة إنما تكون بين اثنين


Isnin, 27 September 2010

Al-imran : 53 - 54

Al-imran : 53
رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ

اعلم أنهم لما أشهدوا عيسى عليه السلام على إيمانهم ، وعلى إسلامهم تضرعوا إلى الله تعالى

آمنوا بكتب الله تعالى حيث قالوا { بِمَا أَنزَلَتْ } وآمنوا برسول الله حيث ، قالوا { واتبعنا الرسول } فعند ذلك طلبوا الزلفة والثواب.

{ فاكتبنا مَعَ الشاهدين }

وهذا يقتضي أن يكون للشاهدين فضل يزيد على فضل الحواريين ، ويفضل على درجته ، لأنهم هم المخصوصون بأداء الشهادة قال الله تعالى : { وكذلك جعلناكم أُمَّةً وَسَطًا لّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى الناس وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } [ البقرة : 143 ]

عن ابن عباس { فاكتبنا مَعَ الشاهدين } أي اكتبنا في زمرة الأنبياء لأن كل نبي شاهد

أي اكتبنا في جملة من شهد لك بالتوحيد ولأنبيائك بالتصديق

وقد أجاب الله تعالى دعاءهم وجعلهم أنبياء ورسلاً ، فأحيوا الموتى ، وصنعوا كل ما صنع عيسى عليه السلام

إنه تعالى قال : { شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إله إِلاَّ هُوَ والملائكة وَأُوْلُواْ العلم } [ آل عمران : 18 ] فجعل أولو العلم من الشاهدين

أن جبريل عليه السلام لما سأل محمداً صلى الله عليه وسلم عن الإحسان فقال : « أن تعبد الله كأنك تراه » وهذا غاية درجة العبد في الاشتغال بالعبودية ، وهو أن يكون العبد في مقام الشهود ، لا في مقام الغيبة

إن كل من كان في مقام شهود الحق لم يبال بما يصل إليه من المشاق والآلام ، فلما قبلوا من عيسى عليه السلام أن يكونوا ناصرين له ، ذابين عنه ، قالوا { فاكتبنا مَعَ الشاهدين } أي اجعلنا ممن يكون في شهود جلالك ، حتى نصير مستحقرين لكل ما يصل إلينا من المشاق والمتاعب فحينئذ يسهل علينا الوفاء بما التزمناه من نصرة رسولك ونبيك

عن ابن عباس في قوله: { فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } قال مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم
عن ابن عباس . والمعنى أثبت أسماءنا مع أسمائهم واجعلنا من جملتهم .

وقيل : المعنى فاكتبنا مع الذين شهدوا لأنبيائك بالصدق .
***
Al-imran : 54

وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ

أصل المكر في اللغة ، السعي بالفساد في خفية ومداجاة

وأصل المكر في اللغة الاحتيال والخداع

يقال مكر الليل ، وأمكر إذا أظلم

مكر الله تعالى بهم هو أنه رفع عيسى عليه السلام إلى السماء ، وذلك أن يهودا ملك اليهود ، أراد قتل عيسى عليه السلام ، وكان جبريل عليه السلام ، لا يفارقه ساعة ، وهو معنى قوله { وأيدناه بِرُوحِ القدس } [ البقرة : 87 ] فلما أرادوا ذلك أمره جبريل عليه السلام أن يدخل بيتاً فيه روزنة ، فلما دخلوا البيت أخرجه جبريل عليه السلام من تلك الروزنة ، وكان قد ألقى شبهه على غيره ، فأخذ وصلب فتفرق الحاضرون ثلاث فرق ، فرقة قالت : كان الله فينا فذهب ، وأخرى قالت : كان ابن الله ، والأخرى قالت : كان عبد الله ورسوله ، فأكرمه بأن رفعه إلى السماء ، وصار لكل فرقة جمع فظهرت الكافرتان على الفرقة المؤمنة إلى أن بعث الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم

أن الحواريين كانوا إثنى عشر ، وكانوا مجتمعين في بيت فنافق رجل منهم ، ودل اليهود عليه ، فألقى الله شبهه عليه ورفع عيسى ، فأخذوا ذلك المنافق الذي كان فيهم ، وقتلوه وصلبوه على ظن أنه عيسى عليه السلام ، فكان ذلك هو مكر الله بهم

ذكر محمد بن إسحاق أن اليهود عذبوا الحواريين بعد أن رفع عيسى عليه السلام ، فشمسوهم وعذبوهم ، فلقوا منهم الجهد فبلغ ذلك ملك الروم ، وكان ملك اليهود من رعيته فقيل له إن رجلاً من بني إسرائيل ممن تحت أمرك كان يخبرهم أنه رسول الله ، وأراهم إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص فقتل ، فقال : لو علمت ذلك لحلت بينه وبينهم ، ثم بعث إلى الحواريين ، فانتزعهم من أيديهم وسألهم عن عيسى عليه السلام ، فأخبروه فتابعهم على دينهم ، وأنزل المصلوب فغيبه ، وأخذ الخشبة فأكرمها وصانها ، ثم غزا بني إسرائيل وقتل منهم خلقاً عظيماً ومنه ظهر أصل النصرانية في الروم ، وكان اسم هذا الملك طباريس ، وهو صار نصرانياً

أن الله تعالى سلّط عليهم ملك فارس حتى قتلهم وسباهم

يحتمل أن يكون المراد أنهم مكروا في إخفاء أمره ، وإبطال دينه ومكر الله بهم حيث أعلى دينه وأظهر شريعته وقهر بالذل والدناءة أعداءه وهم اليهود.

المكر عبارة عن الاحتيال في إيصال الشر ، والاحتيال على الله تعالى محال فصار لفظ المكر في حقه من المتشابهات وذكروا في تأويله وجوهاً أحدها : أنه تعالى سمى جزاء المكر بالمكر ، كقوله { وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا } [ الشورى : 40 ] وسمى جزاء المخادعة بالمخادعة ، وجزاء الاستهزاء بالاستهزاء

قال (6) تعالى مخبرا عن [ملأ] (7) بني إسرائيل فيما هَمُّوا به من الفتك (8) بعيسى، عليه السلام، وإرادته بالسوء والصَّلب، حين تمالؤوا (9) عليه وَوَشَوا به إلى ملك ذلك الزمان، وكان كافرًا، فأنْهَوا إليه أن هاهنا رجلا يضل الناس ويصدهم عن طاعة الملك، وَيُفَنِّد الرعايا، ويفرق بين الأب وابنه (10) إلى غير ذلك مما تقلدوه في رقابهم ورموه به من الكذب، وأنه ولد زانية (11) حتى استثاروا غضب الملك، فبعث في طلبه من يأخذه ويصلبه ويُنَكّل به، فلما أحاطوا بمنزله وظنوا أنهم قد ظَفروا به، نجاه الله من بينهم، ورفعه من رَوْزَنَة ذلك البيت إلى السماء، وألقى الله شبهه على رجل [ممن] (12) كان عنده في المنزل، فلما دخل أولئك اعتقدوه في ظلمة الليل عيسى، عليه السلام، فأخذوه وأهانوه وصلبوه، ووضعوا على رأسه الشوك. وكان هذا من مكر الله بهم، فإنه نجى نبيه ورفعه من بين أظهرهم، وتركهم في ضلالهم يعمهون، يعتقدون أنهم قد ظفروا بطَلبتِهم، وأسكن الله في قلوبهم قسوة وعنادا للحق ملازما لهم، وأورثهم ذلة لا تفارقهم إلى يوم التناد؛ ولهذا قال تعالى: { وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }

«مكر الله» إلقاء شَبه عيسى على غيره ورَفْع عيسى إليه ، وذلك أن اليهود لما اجتمعوا على قتل عيسى دخل البيت هارباً منهم فرفعه جبريل من الكوّة إلى السماء ، فقال مَلِكهم لرجل منهم خبيثٍ يقال له يهوذا : ادخل عليه فاقتله ، فدخل الخَوْخَة فلم يجد هناك عيسى وألقى الله عليه شبه عيسى ، فلما خرج رأوه على شبه عيسى فأخذوه وقتلوه وصَلَبوه . ثم قالوا : وجهه يشبه وجه عيسى ، وبدنه يشبه بدن صاحبنا؛ فإن كان هذا صاحبنا فأين عيسى وإن كان هذا عيسى فأين صاحبنا فوقع بينهم قتال فقتل بعضهم بعضاً

ومَكْر الله : استدراجه لعباده من حيث لا يعلمون

وكان عليه السلام يقول في دعائه : " اللهم امكر لي ولا تمكر عليّ

Isnin, 20 September 2010

Al-imran : 52


فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ

Maka tatkala Isa mengetahui keingkaran mereka (Bani lsrail) berkatalah dia: "Siapakah yang akan menjadi penolong-penolongku untuk (menegakkan agama) Allah?" Para hawariyyin (sahabat-sahabat setia) menjawab: "Kamilah penolong-penolong (agama) Allah, kami beriman kepada Allah; dan saksikanlah bahwa sesungguhnya kami adalah orang-orang yang berserah diri.


{ فَلَمَّا أَحَسَّ عيسى مِنْهُمُ }

(ك) أي: استشعر منهم التصميم على الكفر والاستمرار على الضلال

الإحساس عبارة عن وجدان الشيء بالحاسة وههنا وجهان أحدهما : أن يجري اللفظ على ظاهره ، وهو أنهم تكلموا بالكفر

والثاني : أن نحمله على التأويل ، وهو أن المراد أنه عرف منهم إصرارهم على الكفر ، وعزمهم على قتله

اختلفوا في السبب الذي به ظهر كفرهم
قال السدي : أنه تعالى لما بعثه رسولاً إلى بني إسرائيل جاءهم ودعاهم إلى دين الله فتمردوا وعصوا فخافهم واختفى عنهم ، وكان أمر عيسى عليه السلام في قومه كأمر محمد صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فكان مستضعفاً ، وكان يختفي من بني إسرائيل كما اختفى النبي صلى الله عليه وسلم في الغار

وفي منازل من آمن به لما أرادوا قتله ، ثم إنه عليه الصلاة والسلام خرج مع أمه يسيحان في الأرض ، فاتفق أنه نزل في قرية على رجل فأحسن ذلك الرجل ضيافته وكان في تلك المدينة ملك جبار فجاء ذلك الرجل يوماً حزيناً ، فسأله عيسى عن السبب فقال : ملك هذه المدينة رجل جبار ومن عادته أنه جعل على كل رجل منا يوماً يطعمه ويسقيه هو وجنوده ، وهذا اليوم نوبتي والأمر متعذر علي ، فلما سمعت مريم عليها السلام ذلك ، قالت : يا بني ادع الله ليكفي ذلك ، فقال : يا أماه إن فعلت ذلك كان شر ، فقالت : قد أحسن وأكرم ولا بد من إكرامه فقال عيسى عليه السلام : إذا قرب مجيء الملك فاملأ قدورك وخوابيك ماء ثم أعلمني ، فلما فعل ذلك دعا الله تعالى فتحول ما في القدور طبيخاً ، وما في الخوابي خمراً ، فلما جاءه الملك أكل وشرب وسأله من أين هذا الخمر؟ فتعلل الرجل في الجواب فلم يزل الملك يطالبه بذلك حتى أخبره بالواقعة فقال : إن من دعا الله حتى جعل الماء خمراً إذا دعا أن يحيي الله تعالى ولدي لا بد وأن يجاب ، وكان ابنه قد مات قبل ذلك بأيام ، فدعا عيسى عليه السلام وطلب منه ذلك ، فقال عيسى : لا نفعل ، فإنه إن عاش كان شراً ، فقال : ما أبالي ما كان إذا رأيته ، وإن أحييته تركتك على ما تفعل ، فدعا الله عيسى ، فعاش الغلام ، فلما رآه أهل مملكته قد عاش تبادروا بالسلاح واقتتلوا ، وصار أمر عيسى عليه السلام مشهوراً في الخلق ، وقصد اليهود قتله ، وأظهروا الطعن فيه والكفر به

إن اليهود كانوا عارفين بأنه هو المسيح المبشر به في التوراة ، وأنه ينسخ دينهم ، فكانوا من أول الأمر طاعنين فيه ، طالبين قتله ، فلما أظهر الدعوة اشتد غضبهم ، وأخذوا في إيذائه وإيحاشه وطلبوا قتله

إن عيسى عليه السلام ظن من قومه الذين دعاهم إلى الإيمان أنهم لا يؤمنون به وأن دعوته لا تنجح فيهم فأحب أن يمتحنهم ليتحقق ما ظنه بهم فقال لهم { مَنْ أَنصَارِى إِلَى الله } فما أجابه إلا الحواريون ، فعند ذلك أحس بأن من سوى الحواريين كافرون مصرون على إنكار دينه وطلب قتله

{ قَالَ مَنْ أَنصَارِى إِلَى الله }

أن عيسى عليه السلام لما دعا بني إسرائيل إلى الدين ، وتمردوا عليه فر منهم وأخذ يسيح في الأرض فمر بجماعة من صيادي السمك ، وكان فيهم شمعون ويعقوب ويوحنا ابنا زيدي وهم من جملة الحواريين الاثنى عشر فقال عيسى عليه السلام : الآن تصيد السمك ، فإن تبعتني صرت بحيث تصيد الناس لحياة الأبد ، فطلبوا منه المعجزة ، وكان شمعون قد رمى شبكته تلك الليلة في الماء فما اصطاد شيئاً فأمره عيسى بإلقاء شبكته في الماء مرة أخرى ، فاجتمع في تلك الشبكة من السمك ما كادت تتمزق منه ، واستعانوا بأهل سفينة أخرى ، وملؤا السفينتين ، فعند ذلك آمنوا بعيسى عليه السلام

قوله { إِلَى الله }

التقدير : من أنصاري حال ذهابي إلى الله أو حال التجائي إلى الله

التقدير : من أنصاري إلى أن أبين أمر الله تعالى ، وإلى أن أظهر دينه

أن يكون المعنى من أنصاري فيما يكون قربة إلى الله ووسيلة إليه ، وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا ضحى « اللّهم منك وإليك » أي تقرباً إليك

{ قَالَ الحواريون نَحْنُ أَنْصَارُ الله }

أن الحواري اسم موضوع لخاصة الرجل ، وخالصته ، ومنه يقال للدقيق حواري ، لأنه هو الخالص منه ، وقال صلى الله عليه وسلم للزبير : « إنه ابن عمتي ، وحواري من أمتي » والحواريات من النساء النقيات الألوان والجلود ، فعلى هذا الحواريون هم صفوة الأنبياء الذي خلصوا وأخلصوا في التصديق بهم وفي نصرتهم .

الحواري أصله من الحور ، وهو شدة البياض

الحور نقاء بياض العين ، وحورت الثياب : بيضتها

وعلى هذا القول اختلفوا في أن أولئك لم سموا بهذا الاسم؟ فقال سعيد بن جبير : لبياض ثيابهم ، وقيل كانوا قصارين ، يبيضون الثياب ، وقيل لأن قلوبهم كانت نقية طاهرة من كل نفاق وريبة فسموا بذلك مدحاً لهم ، وإشارة إلى نقاء قلوبهم ، كالثوب الأبيض

قال الضحاك : مرّ عيسى عليه السلام بقوم من الذين كانوا يغسلون الثياب ، فدعاهم إلى الإيمان فآمنوا ، والذي يغسل الثياب يسمى بلغة النبط هواري ، وهو القصار فعربت هذه اللفظة فصارت حواري

قال القفال : ويجوز أن يكون بعض هؤلاء الحواريين الاثني عشر من الملوك ، وبعضهم من صيادي السمك ، وبعضهم من القصارين ، والكل سموا بالحواريين لأنهم كانوا أنصار عيسى عليه السلام ، وأعوانه ، والمخلصين في محبته ، وطاعته ، وخدمته .

{ نَحْنُ أَنْصَارُ الله }

أي نحن أنصار دين الله وأنصار أنبيائه

{ آمنا بالله }

فهذا يجري مجرى ذكر العلة

{ واشهد بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }

أن ذلك إقرار منهم بأن دينهم الإسلام ، وأنه دين كل الأنبياء صلوات الله عليهم







Al-imran : 52


فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ

Maka tatkala Isa mengetahui keingkaran mereka (Bani lsrail) berkatalah dia: "Siapakah yang akan menjadi penolong-penolongku untuk (menegakkan agama) Allah?" Para hawariyyin (sahabat-sahabat setia) menjawab: "Kamilah penolong-penolong (agama) Allah, kami beriman kepada Allah; dan saksikanlah bahwa sesungguhnya kami adalah orang-orang yang berserah diri.


{ فَلَمَّا أَحَسَّ عيسى مِنْهُمُ }

(ك) أي: استشعر منهم التصميم على الكفر والاستمرار على الضلال

الإحساس عبارة عن وجدان الشيء بالحاسة وههنا وجهان أحدهما : أن يجري اللفظ على ظاهره ، وهو أنهم تكلموا بالكفر

والثاني : أن نحمله على التأويل ، وهو أن المراد أنه عرف منهم إصرارهم على الكفر ، وعزمهم على قتله

اختلفوا في السبب الذي به ظهر كفرهم
قال السدي : أنه تعالى لما بعثه رسولاً إلى بني إسرائيل جاءهم ودعاهم إلى دين الله فتمردوا وعصوا فخافهم واختفى عنهم ، وكان أمر عيسى عليه السلام في قومه كأمر محمد صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فكان مستضعفاً ، وكان يختفي من بني إسرائيل كما اختفى النبي صلى الله عليه وسلم في الغار

وفي منازل من آمن به لما أرادوا قتله ، ثم إنه عليه الصلاة والسلام خرج مع أمه يسيحان في الأرض ، فاتفق أنه نزل في قرية على رجل فأحسن ذلك الرجل ضيافته وكان في تلك المدينة ملك جبار فجاء ذلك الرجل يوماً حزيناً ، فسأله عيسى عن السبب فقال : ملك هذه المدينة رجل جبار ومن عادته أنه جعل على كل رجل منا يوماً يطعمه ويسقيه هو وجنوده ، وهذا اليوم نوبتي والأمر متعذر علي ، فلما سمعت مريم عليها السلام ذلك ، قالت : يا بني ادع الله ليكفي ذلك ، فقال : يا أماه إن فعلت ذلك كان شر ، فقالت : قد أحسن وأكرم ولا بد من إكرامه فقال عيسى عليه السلام : إذا قرب مجيء الملك فاملأ قدورك وخوابيك ماء ثم أعلمني ، فلما فعل ذلك دعا الله تعالى فتحول ما في القدور طبيخاً ، وما في الخوابي خمراً ، فلما جاءه الملك أكل وشرب وسأله من أين هذا الخمر؟ فتعلل الرجل في الجواب فلم يزل الملك يطالبه بذلك حتى أخبره بالواقعة فقال : إن من دعا الله حتى جعل الماء خمراً إذا دعا أن يحيي الله تعالى ولدي لا بد وأن يجاب ، وكان ابنه قد مات قبل ذلك بأيام ، فدعا عيسى عليه السلام وطلب منه ذلك ، فقال عيسى : لا نفعل ، فإنه إن عاش كان شراً ، فقال : ما أبالي ما كان إذا رأيته ، وإن أحييته تركتك على ما تفعل ، فدعا الله عيسى ، فعاش الغلام ، فلما رآه أهل مملكته قد عاش تبادروا بالسلاح واقتتلوا ، وصار أمر عيسى عليه السلام مشهوراً في الخلق ، وقصد اليهود قتله ، وأظهروا الطعن فيه والكفر به

إن اليهود كانوا عارفين بأنه هو المسيح المبشر به في التوراة ، وأنه ينسخ دينهم ، فكانوا من أول الأمر طاعنين فيه ، طالبين قتله ، فلما أظهر الدعوة اشتد غضبهم ، وأخذوا في إيذائه وإيحاشه وطلبوا قتله

إن عيسى عليه السلام ظن من قومه الذين دعاهم إلى الإيمان أنهم لا يؤمنون به وأن دعوته لا تنجح فيهم فأحب أن يمتحنهم ليتحقق ما ظنه بهم فقال لهم { مَنْ أَنصَارِى إِلَى الله } فما أجابه إلا الحواريون ، فعند ذلك أحس بأن من سوى الحواريين كافرون مصرون على إنكار دينه وطلب قتله

{ قَالَ مَنْ أَنصَارِى إِلَى الله }

أن عيسى عليه السلام لما دعا بني إسرائيل إلى الدين ، وتمردوا عليه فر منهم وأخذ يسيح في الأرض فمر بجماعة من صيادي السمك ، وكان فيهم شمعون ويعقوب ويوحنا ابنا زيدي وهم من جملة الحواريين الاثنى عشر فقال عيسى عليه السلام : الآن تصيد السمك ، فإن تبعتني صرت بحيث تصيد الناس لحياة الأبد ، فطلبوا منه المعجزة ، وكان شمعون قد رمى شبكته تلك الليلة في الماء فما اصطاد شيئاً فأمره عيسى بإلقاء شبكته في الماء مرة أخرى ، فاجتمع في تلك الشبكة من السمك ما كادت تتمزق منه ، واستعانوا بأهل سفينة أخرى ، وملؤا السفينتين ، فعند ذلك آمنوا بعيسى عليه السلام

قوله { إِلَى الله }

التقدير : من أنصاري حال ذهابي إلى الله أو حال التجائي إلى الله

التقدير : من أنصاري إلى أن أبين أمر الله تعالى ، وإلى أن أظهر دينه

أن يكون المعنى من أنصاري فيما يكون قربة إلى الله ووسيلة إليه ، وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا ضحى « اللّهم منك وإليك » أي تقرباً إليك

{ قَالَ الحواريون نَحْنُ أَنْصَارُ الله }

أن الحواري اسم موضوع لخاصة الرجل ، وخالصته ، ومنه يقال للدقيق حواري ، لأنه هو الخالص منه ، وقال صلى الله عليه وسلم للزبير : « إنه ابن عمتي ، وحواري من أمتي » والحواريات من النساء النقيات الألوان والجلود ، فعلى هذا الحواريون هم صفوة الأنبياء الذي خلصوا وأخلصوا في التصديق بهم وفي نصرتهم .

الحواري أصله من الحور ، وهو شدة البياض

الحور نقاء بياض العين ، وحورت الثياب : بيضتها

وعلى هذا القول اختلفوا في أن أولئك لم سموا بهذا الاسم؟ فقال سعيد بن جبير : لبياض ثيابهم ، وقيل كانوا قصارين ، يبيضون الثياب ، وقيل لأن قلوبهم كانت نقية طاهرة من كل نفاق وريبة فسموا بذلك مدحاً لهم ، وإشارة إلى نقاء قلوبهم ، كالثوب الأبيض

قال الضحاك : مرّ عيسى عليه السلام بقوم من الذين كانوا يغسلون الثياب ، فدعاهم إلى الإيمان فآمنوا ، والذي يغسل الثياب يسمى بلغة النبط هواري ، وهو القصار فعربت هذه اللفظة فصارت حواري

قال القفال : ويجوز أن يكون بعض هؤلاء الحواريين الاثني عشر من الملوك ، وبعضهم من صيادي السمك ، وبعضهم من القصارين ، والكل سموا بالحواريين لأنهم كانوا أنصار عيسى عليه السلام ، وأعوانه ، والمخلصين في محبته ، وطاعته ، وخدمته .

{ نَحْنُ أَنْصَارُ الله }

أي نحن أنصار دين الله وأنصار أنبيائه

{ آمنا بالله }

فهذا يجري مجرى ذكر العلة

{ واشهد بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }

أن ذلك إقرار منهم بأن دينهم الإسلام ، وأنه دين كل الأنبياء صلوات الله عليهم







Selasa, 17 Ogos 2010

BAQARAH : 155-157

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

أنه تعالى أخبر أن إكمال الشرائع إتمام النعمة ، فكان ذلك موجباً للشكر ، ثم أخبر أن القيام بتلك الشرائع لا يمكن إلا بتحمل المحن ، فلا جرم أمر فيها بالصب

أنه تعالى أنعم أولاً فأمر بالشكر ، ثم ابتلى وأمر بالصبر ، لينال الرجل درجة الشاكرين والصابرين معاً ، فيكمل إيمانه على ما قال عليه الصلاة والسلام : « الإيمان نصفان : نصف صبر ونصف شكر »

أن المراد بهذه المخاطبة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة

أن من المنافقين من أظهر متابعة الرسول طمعاً منه في المال وسعة الرزق فإذا اختبره تعالى بنزول هذه المحن فعند ذلك يتميز المنافق عن الموافق لأن المنافق إذا سمع ذلك نفر منه وترك دينه فكان في هذا الإختبار هذه الفائدة

أن إخلاص الإنسان حالة البلاء ورجوعه إلى باب الله تعالى أكثر من إخلاصه حال إقبال الدنيا عليه ، فكانت الحكمة في هذا الإبتلاء ذلك

فإذا خطر ببالك موجود فيما مضى سمي ذكراً وتذكراً وإن كان موجوداً في الحال : يسمى ذوقاً ووجداً وإنما سمي وجداً لأنها حالة تجدها من نفسك وإن كان قد خطر ببالك وجود شيء في الاستقبال وغلب ذلك على قلبك ، سمي انتظاراً وتوقعا

فإن كان المنتظر مكروهاً حصل منه ألم في القلب يسمى خوفاً وإشفاقا ، وإن كان محبوباً سمي ذلك ارتياحاً ، والإرتياح رجاء ، فالخوف هو تألم القلب لإنتظار ما هو مكروه عنده ، والرجاء هو ارتياح القلب لإنتظار ما هو محبوب عنده

وأما الجوع فقد أصابهم في أول مهاجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لقلة أموالهم ، حتى أنه عليه السلام كان يشد الحجر على بطنه

وأما النقص في الأموال والأنفس فقد يحصل ذلك عند محاربة العدو بأن ينفق الإنسان ماله في الاستعداد للجهاد وقد يقتل ، فهناك يحصل النقص في المال والنفس وقال الله تعالى : { وجاهدوا بأموالكم وَأَنفُسِكُمْ } [ التوبة : 41 ]

قال الشافعي رضي الله عنه : الخوف : خوف الله ، والجوع : صيام شهر رمضان ، والنقص من الأموال : الزكوات والصدقات ، ومن الأنفس : الأمراض ، ومن الثمرات : موت الأولاد

{ وَبَشّرِ الصابرين }

أن الصبر واجب على هذه الأمور إذا كان من قبله تعالى لأنه يعلم أن كل ذلك عدل وحكمة

أن الصبر ضربان .
أحدهما : بدني ، كتحمل المشاق بالبدن والثبات عليه ، وهو إما بالفعل كتعاطي الأعمال الشاقة أو بالاحتمال كالصبر على الضرب الشديد والألم العظيم .
والثاني : هو الصبر النفساني وهو منع النفس عن مقتضيات الشهوة ومشتهيات الطبع ، ثم هذا الضرب إن كان صبراً عن شهوة البطن والفرج سمي عفة

قال عليه السلام : « الصبر عند الصدمة الأولى »

الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ

اعلم أن هذه المصائب قد تكون من فعل الله تعالى وقد تكون من فعل العبد

أما الخوف الذي يكون من الله فمثل الخوف من الغرق والحرق والصاعقة وغيرها ، والذي من فعل العبد ، فهو أن العرب كانوا مجتمعين على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم

الجوع فلأجل الفقر ، وقد يكون الفقر من الله بأن يتلف أموالهم ، وقد يكون من العبد بأن يغلبوا عليه فيتلفوه ، ونقص الأموال من الله تعالى إنما يكون بالجوائح التي تصيب الأموال والثمرات ، ومن العدو إنما يكون لأن القوم لاشتغالهم لايتفرغون لعمارة الأراضي ، ونقص الأنفس من الله بالإماتة ومن العباد بالقتل

إنه تعالى لم يضف هذه المصيبة إلى نفسه بل عمم وقال : { الذين إِذَا أصابتهم مُّصِيبَةٌ } فالظاهر أنه يدخل تحتها كل مضرة ينالها من قبل الله تعالى ، وينالها من قبل العباد

{ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجعون }

{ إِنَّا لِلَّهِ } إقرار منا له بالملك : { وَإِنَّا إِلَيْهِ راجعون } إقرار على أنفسنا بالهلاك

واعلم أن الرجوع إليه ليس عبارة عن الإنتقال إلى مكان أو جهة ، فإن ذلك على الله محال ، بل المراد أنه يصير إلى حيث لا يملك الحكم فيه سواه ، وذلك هو الدار الآخرة

كما يقال : إن الملك والدولة يرجع إليه لا بمعنى الانتقال بل بمعنى القدرة وترك المنازعة .

هذا يدل على أن ذلك إقرار بالبعث والنشور

{ إِنَّا لِلَّهِ } يدل على كونه راضياً بكل ما نزل به في الحال من أنواع البلاء وقوله : { وَإِنَّا إِلَيْهِ راجعون } يدل على كونه في الحال راضياً بكل ما سينزل به بعد ذلك

عن النبي صلى الله عليه وسلم : " من استرجع عند المصيبة : جبر الله مصيبته ، وأحسن عقباه ، وجعل له خلفاً صالحاً يرضاه "

روي أنه طفيء سراج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «إنا لله وإنا إليه راجعون» فقيل أمصيبة هي؟ قال : نعم كل شيء يؤذي المؤمن فهو له مصيبة

قالت أم سلمة : حدثني أبو سلمة أنه عليه الصلاة والسلام قال : " ما من مسلم يصاب بمصيبة فيفزع إلى ما أمر الله به من قوله : { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجعون } اللهم عندك احتسبت مصيبتي فأجرني فيها وعوضني خيراً منها إلا آجره الله عليها وعوضه خيراً منها " قالت : فلما توفي أبو سلمة ذكرت هذا الحديث وقلت هذا القول : فعوضني الله تعالى محمداً عليه الصلاة والسلام

{ أولئك عَلَيْهِمْ صلوات مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ }

أن الصلاة من الله هي : الثناء والمدح والتعظيم ، وأما رحمته فهي : النعم التي أنزلها به عاجلاً ثم آجلا

{ وأولئك هُمُ المهتدون } ففيه وجوه
أحدها : أنهم المهتدون لهذه الطريقة الموصلة بصاحبها إلى كل خير .
وثانيها : المهتدون إلى الجنة ، الفائزون بالثواب .

Jumaat, 13 Ogos 2010

NABI CELUP TANGAN DALAM AIR

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ
Jajarkan ke Kananرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَالْتَمَسَ النَّاسُ وَضُوءًا فَلَمْ يَجِدُوهُ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ فِي إِنَاءٍ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ يَدَهُ ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ يَتَوَضَّئُونَ مِنْهُ قَالَ أَنَسٌ فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ فَتَوَضَّأَ النَّاسُ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ

***

أنس بن مالك

خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرابته من النساء، وتلميذه، وتبعه، وآخر أصحابه، موتا

وكان أنس يقول: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر، ومات وأنا ابن عشرين.

فصحب أنس نبيه صلى الله عليه وسلم أتم الصحبة، ولازمه أكمل الملازمة منذ هاجر، وإلى أن مات، وغزا معه غير مرة، وبايع تحت الشجرة

قال الانصاري: خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، وهو غلام يخدمه

عن أنس، قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن ثمان سنين، فأخذت أمي (أم سليم) بيدي، فانطلقت بي إليه، فقالت: يا رسول الله ! لم يبق رجل ولا امرأة من الانصار إلا وقد أتحفك بتحفة، وإني لا أقدر على ما أتحفك به إلا ابني هذا، فخذه، فليخدمك ما بدالك

فخدمته عشر سنين، فما ضربني، ولا سبني، ولا عبس في وجهي

عن أنس، قال: دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " اللهم أكثر ماله وولده، وأطل حياته "، فالله أكثر مالي حتى إن كرما لي لتحمل في السنة مرتين، وولد لصلبي مئة وستة

عن موسى بن أنس: أن أنسا غزا ثمان غزوات

قال أبو هريرة: ما رأيت أحدا أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أم سليم، - يعني أنسا

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لانس: " يا ذا الاذنين "

فنقل أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه طاف على تسع نسوة في ضحوة بغسل واحد

رأيت على أنس عمامة سوداء قد أرخاها من
خلفة.


قال المثنى بن سعيد: سمعت أنسا يقول: ما من ليلة إلا وأنا أرى فيها حبيبي. ثم ثم يبكي

مات لانس في طاعون الجارف (بالبصرة سنة 69 ه) ثمانون ابنا

وأما موته فاختلفوا فيه : أنه مات سنة إحدى وتسعين، : سنة اثنتين وتسعين : الاصح -: مات سنة ثلاثة وتسعين

فيكون عمره على هذا مئة وثلاث سنين



وَبَيَّنَ الْمُصَنِّف فِي رِوَايَة قَتَادَة أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِالزَّوْرَاءِ وَهُوَ سُوق بِالْمَدِينَةِ

الْوَضُوءُ اسْمٌ لِلْمَاءِ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ

(فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ فِي إنَاءٍ فَوَضَعَ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ يَدَهُ ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا)

وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن الْمُبَارَك " فَجَاءَ رَجُل بِقَدَحٍ فِيهِ مَاء يَسِير

وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ بِوَحْيٍ يَعْلَمُ بِهِ

وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْمُعْجِزَات وأبين الدَّلَالَاتِ عَلَى صِدْقِهِ وَنُبُوَّتِهِ

رَوَى حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ الْإِنَاءَ كَانَ مُخَضَّبًا صَغُرَ عَنْ أَنْ يَضَعَ فِيهِ يَدَهُ وَتَوَضَّأَ مِنْهُ ثَمَانُونَ رَجُلًا وَأَزْيَدُ


وَفِي الْحَدِيث دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمُوَاسَاة مَشْرُوعَة عِنْد الضَّرُورَة لِمَنْ كَانَ فِي مَائِهِ فَضْل عَنْ وُضُوئِهِ . وَفِيهِ أَنَّ اِغْتِرَاف الْمُتَوَضِّئ مِنْ الْمَاء الْقَلِيل لَا يُصَيِّر الْمَاء مُسْتَعْمَلًا ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيّ عَلَى أَنَّ الْأَمْر بِغَسْلِ الْيَد قَبْل إِدْخَالهَا الْإِنَاء أَمْر نَدْب لَا حَتْم .

( حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْد آخِرهمْ )



تَوَضَّأَ النَّاس حَتَّى تَوَضَّأَ الَّذِينَ عِنْد آخِرهمْ وَهُوَ كِنَايَة عَنْ جَمِيعهمْ

( تَنْبِيه )

هَذَا الْحَدِيث - يَعْنِي حَدِيث نَبْع الْمَاء - شَهِدَهُ جَمْع مِنْ الصَّحَابَة ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُرْوَ إِلَّا مِنْ طَرِيق أَنَس


Isnin, 9 Ogos 2010

Al-imran : 50 - 51


وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ

إنه يجب على كل نبي أن يكون مصدقاً لجميع الأنبياء عليهم السلام ، لأن الطريق إلى ثبوت نبوتهم هو المعجزة

{ وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الذي حُرّمَ عَلَيْكُمْ }

(ك) فيه دلالة على أن عيسى، عليه السلام، نسَخ بعض شريعة التوراة، وهو الصحيح من القولين، ومن العلماء من قال: لم ينسخ منها شيئًا، وإنما أحَلّ لهم بعض ما كانوا يتنازعون

هذه الآية الأخيرة مناقضة لما قبلها لأن هذه الآية الأخيرة صريحة في أنه جاء ليحل بعد الذي كان محرماً عليه في التوراة ، وهذا يقتضي أن يكون حكمه بخلاف حكم التوراة ، وهذا يناقض قوله { وَمُصَدّقًا لّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التوراة }

والجواب : إنه لا تناقض بين الكلام ، وذلك لأن التصديق بالتوراة لا معنى له إلا اعتقاد أن كل ما فيها فهو حق وصواب

قال وهب بن منبه : إن عيسى عليه السلام كان على شريعة موسى عليه السلام كان يقرر السبت ويستقبل بيت المقدس ، ثم إنه فسّر قوله { وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الذي حُرّمَ عَلَيْكُمْ } بأمرين أحدهما : إن الأحبار كانوا قد وضعوا من عند أنفسهم شرائع باطلة ونسبوها إلى موسى ، فجاء عيسى عليه السلام ورفعها وأبطلها وأعاد الأمر إلى ما كان في زمن موسى عليه السلام

والثاني : أن الله تعالى كان قد حرم بعض الأشياء على اليهود عقوبة لهم على بعض ما صدر عنهم من الجنايات كما قال الله تعالى : { فَبِظُلْمٍ مّنَ الذين هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طيبات أُحِلَّتْ لَهُمْ }

وقال آخرون : إن عيسى عليه السلام رفع كثيراً من أحكام التوراة ، ولم يكن ذلك قادحاً في كونه مصدقاً بالتوراة على ما بيناه ورفع السبت ووضع الأحد قائماً مقامه وكان محقاً في كل ما عمل لما بينا أن الناسخ والمنسوخ كلاهما حق وصدق

{ وَجِئْتُكُمْ بِأَيَةٍ مّن رَّبّكُمْ }

وإنما أعاده لأن إخراج الإنسان عن المألوف المعتاد من قديم الزمان عسر فأعاد ذكر المعجزات ليصير كلامه ناجعاً في قلوبهم ومؤثراً في طباعهم

{ فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ }

لأن طاعة الرسول من لوازم تقوى الله تعالى

فبيّن أنه إذا لزمكم أن تتقوا الله لزمكم أن تطيعوني فيما آمركم به عن ربي


إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ

ومقصوده إظهار الخضوع والاعتراف بالعبودية لكيلا يتقولوا عليه الباطل فيقولون : إنه إله وابن إله لأن إقراره لله بالعبودية يمنع ما تدعيه جهال النصارى عليه

{ فاعبدوه }

أنه تعالى لما كان رب الخلائق بأسرهم وجب على الكل أن يعبدوه

(ك) أنا وأنتم سواء في العبودية له والخضوع والاستكانة إليه


Isnin, 2 Ogos 2010

AL-IMRAN : 49

وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ

Dan (sebagai) Rasul kepada Bani Israil (yang berkata kepada mereka): "Sesungguhnya aku telah datang kepadamu dengan membawa sesuatu tanda (mukjizat) dari Tuhanmu, yaitu aku membuat untuk kamu dari tanah berbentuk burung; kemudian aku meniupnya, maka ia menjadi seekor burung dengan seizin Allah; dan aku menyembuhkan orang yang buta sejak dari lahirnya dan orang yang berpenyakit sopak; dan aku menghidupkan orang mati dengan seizin Allah; dan aku kabarkan kepadamu apa yang kamu makan dan apa yang kamu simpan di rumahmu. Sesungguhnya pada yang demikian itu adalah suatu tanda (kebenaran kerasulanku) bagimu, jika kamu sungguh-sungguh beriman.

تقدير الآية : ونعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ونبعثه رسولاً إلى بني إسرائيل

قال الزجاج : الاختيار عندي أن تقديره : ويكلم الناس رسولا

هذه الآية تدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان رسولاً إلى كل بني إسرائيل بخلاف قول بعض اليهود إنه كان مبعوثاً إلى قوم مخصوصين منهم

{ قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مّن رَّبّكُمْ }

والإخبار عن المغيبات فكان المراد من قوله { قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مّن رَّبّكُمْ } الجنس لا الفرد .

{ أَنِى أَخْلُقُ لَكُمْ مّنَ الطين كَهَيْئَةِ الطير فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ الله }

{ أَخْلُقُ لَكُمْ مّنَ الطين } أي أقدر وأصور وقد بينا في تفسير قوله تعالى : { ياأيها الناس اعبدوا رَبَّكُمُ الذى خَلَقَكُمْ } [ البقرة : 21 ] إن الخلق هو التقدير

دليله قوله تعالى : { فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين } [ المؤمنون : 14 ] أي المقدرين . وذلك لأنه ثبت أن العبد لا يكون خالقاً بمعنى التكوين والإبداع فوجب تفسير كونه خالقاً بالتقدير والتسوية

أن لفظ الخلق يطلق على الكذب . دليله قول الله { إِنْ هذا إِلاَّ خُلُقُ الاولين } [ الشعراء : 137 ] وفي العنكبوت { وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً } [ العنكبوت : 17 ] وفي سورة ص { إِنْ هذا إِلاَّ اختلاق } [ ص : 7 ] والكاذب إنما سمي خالقاً لأنه يقدر الكذب في خاطره ويصوره

{ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ الله }

قرأ نافع { فَيَكُونُ طائراً } بالألف على الواحد ، والباقون { طَيْراً } على الجمع : والطير اسم الجنس يقع على الواحد وعلى الجمع

أن عيسى عليه السلام لما ادعى النبوة ، وأظهر المعجزات أخذوا يتعنتون عليه وطالبوه بخلق خفاش ، فأخذ طيناً وصوره ، ثم نفخ فيه ، فإذا هو يطير بين السماء والأرض

قال وهب : كان يطير ما دام الناس ينظرون إليه ، فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتاً

الآية تدل على أن الروح جسم رقيق كالريح

القرآن دلّ على أنه عليه الصلاة والسلام إنما تولد من نفخ جبريل عليه السلام في مريم وجبريل صلى الله عليه وسلم روح محض وروحاني محض فلا جرم كانت نفخة عيسى عليه السلام للحياة والروح .

{ بِإِذُنِ الله }

معناه بتكوين الله تعالى وتخليقه

وإنما ذكر عيسى عليه السلام هذا القيد إزالة للشبهة ، وتنبيهاً على إني أعمل هذا التصوير ، فأما خلق الحياة فهو من الله تعالى على سبيل إظهار المعجزات على يد الرسل

{ وأبرىء الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله }

ذهب أكثر أهل اللغة إلى أن الأكمه هو الذي ولد أعمى

وقال الخليل وغيره هو الذي عمي بعد أن كان بصيراً ، وعن مجاهد هو الذي لا يبصر بالليل

وروي أنه عليه الصلاة والسلام ربما اجتمع عليه خمسون ألفاً من المرضى من أطاق منهم أتاه ، ومن لم يطق أتاه عيسى عليه السلام ، وما كانت مداواته إلا بالدعاء وحده ،

قال الكلبي : كان عيسى عليه السلام يحيي الأموات بيا حي يا قيوم وأحيا عاذر ، وكان صديقاً له ، ودعا سام بن نوح من قبره ، فخرج
حياً

{ وَأُنَبّئُكُم بِمَا تَأْكُلُون وَمَا تَدَّخِرُونَ فِى بُيُوتِكُمْ }

من المعجزات إخباره عن الغيوب

أنه عليه الصلاة والسلام كان من أول مرة يخبر عن الغيوب

أنه كان يلعب مع الصبيان ، ثم يخبرهم بأفعال آبائهم وأمهاتهم ، وكان يخبر الصبي بأن أمك قد خبأت لك كذا فيرجع الصبي إلى أهله ويبكي إلى أن يأخذ ذلك الشيء ثم قالوا لصبيانهم : لا تلعبوا مع هذا الساحر ، وجمعوهم في بيت ، فجاء عيسى عليه السلام يطلبهم ، فقالوا له ، ليسوا في البيت ، فقال : فمن في هذا البيت ، قالوا : خنازير قال عيسى عليه السلام كذلك يكونون فإذا هم خنازير

إن الإخبار عن الغيوب إنما ظهر وقت نزول المائدة ، وذلك لأن القوم نهوا عن الادخار ، فكانوا يخزنون ويدخرون ، فكان عيسى عليه السلام يخبرهم بذلك

الإخبار عن الغيوب على هذا الوجه معجزة ، وذلك لأن المنجمين الذين يدعون استخراج الخير لا يمكنهم ذلك إلا عن سؤال يتقدم ثم يستعينون عند ذلك بآلة ويتوصلون بها إلى معرفة أحوال الكواكب ، ثم يعترفون بأنهم يغلطون كثيراً ، فأما الإخبار عن الغيب من غير استعانة بآلة ، ولا تقدم مسألة لا يكون إلا بالوحي من الله تعال

{ إِنَّ فِي ذلك لأَيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }

**

قال كثير من العلماء: بعث الله كل نبي من الأنبياء بمعجزة تناسب أهل زمانه، فكان الغالب على زمان موسى، عليه السلام، السحر وتعظيم السحرة

وأما عيسى، عليه السلام، فبُعث في زمن الأطباء وأصحاب علم الطبيعة، فجاءهم من الآيات بما لا سبيل لأحد إليه، إلا أن يكون مؤيدًا من الذي شرع الشريعة. فمن أين للطبيب قدرة على إحياء الجماد، أو على مداواة الأكمه، والأبرص، وبعث من هو في قبره رهين إلى يوم التناد؟

وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم بعثه [الله] (1) في زمن الفصحاء والبلغاء ونحارير الشعراء، فأتاهم بكتاب من الله، عز وجل، لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور من مثله، أو بسورة من مثله لم يستطيعوا أبدًا


Rabu, 28 Julai 2010

hadis bersuci dengan air laut

التطهير بماء البحر

عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ

ذَكَرَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ اِسْم السَّائِل عَبْد اللَّه الْمُدْلِجِيّ

( إِنَّا نَرْكَب الْبَحْر )
: الْمِلْح وَهُوَ مَالِح وَمُرٌّ وَرِيحُهُ مُنْتِنٌ

( أَفَنَتَوَضَّأ بِمَاءِ الْبَحْر )
يَحْتَمِل أَنَّهُمْ لَمَّا سَمِعُوا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَرْكَب الْبَحْر إِلَّا حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ غَازِيًا فِي سَبِيل اللَّه فَإِنَّ تَحْت الْبَحْر نَارًا وَتَحْت النَّار بَحْرًا (قَالَ الْبُخَارِيّ لَيْسَ هَذَا الْحَدِيث بِصَحِيحٍ)


وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِغَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَيَكُونُ اقْتِصَارُهُمْ عَلَى قَلِيلِ الْمَاءِ لِهَذَا الْوَجْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ وَيَكُونُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لِلضَّرُورَة

هُوَ الطَّهُورُ يَعْنِي الَّذِي يَتَكَرَّرُ التَّطْهِيرُ بِهِ

وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى طَهُورٍ طَاهِرًا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْأَلُوهُ هَلْ هُوَ طَاهِرٌ وَإِنَّمَا سَأَلُوهُ هَلْ هُوَ مُطَهِّرٌ فَأَجَابَهُمْ بِأَنَّهُ طَهُورٌ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لَفْظَ طَهُورٍ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى مُطَهِّرٍ

وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ التَّطْهِيرِ بِمَاءِ الْبَحْر

وَالْمِيَاهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ مُطْلَقٌ وَمُضَافٌ : (1) فالمطلق مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِمُخَالَطَةِ مَا لَيْسَ بِقَرَارٍ لَهُ وَيَنْفَكُّ الْمَاءُ عَنْهُ غَالِبًا كَمَاءِ السَّمَاءِ وَالْآبَارِ وَالْأَنْهَارِ وَالْعُيُونِ وَالْبَحْرِ وَهَذَا هُوَ الطَّاهِرُ الْمُطَهِّرُ وَكَذَلِكَ مَا تَغَيَّرَ مِنْ الْمِيَاهِ وَالتُّرَابِ وَالْحَمْأَةِ الَّذِي هُوَ قَرَارٌ لَهَا (2) وَأَمَّا الْمُضَافُ مِنْ الْمِيَاهِ فَهُوَ فِي اللُّغَةِ مَا خَالَطَهُ غَيْرُه . فَأَمَّا مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ صِفَاتُهُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يُخَالِطَهُ طَاهِرٌ أَوْ نَجِسٌ فَإِنْ خَالَطَهُ طَاهِرٌ كَالْيَسِيرِ مِنْ الْخَلِّ وَالْعَسَلِ وَالْمَذْيِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ نَعْلَمُهُ فِي أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ الطَّهَارَةُ بِه

فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ الْمِلْحُ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ . فَإِذَا غُيِّرَ الْمَاءُ يُمْنَعُ الْوُضُوءُ بِهِ

قَوْلُهُ تَعَالَي : وَأَنْزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءٌ طَهُورًا

عَنْ أَبِي سَعِيدِ الْخُدْرِيِّ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بِضَاعَةٍ وَهِيَ تُطْرَحُ فِيهَا الْحِيَضُ وَلُحُومُ الْكِلَابِ وَالنَّتْنُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ

وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي سُؤْرِ الْكَلْبِ وَأَمَّا سُؤْرُ النَّصْرَانِيِّ وَفَضْلُ وُضُوئِهِ فَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَفِي الْمُدَوِّنَةِ لَا يَتَوَضَّأُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا

وَقَالُوا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى { أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ } إِنَّ الْمُرَادَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ مَصِيدَاتُ الْبَحْرِ مِمَّا يُؤْكَلُ وَمِمَّا لَا يُؤْكَلُ وَالْمُرَادُ مِنْ طَعَامِهِ مَا يُطْعَمُ مِنْ صَيْدِهِ ، وَالْمَعْنَى أُحِلَّ لَكُمْ الِانْتِفَاعُ بِجَمِيعِ مَا يُصَادُ فِي الْبَحْرِ وَأُحِلَّ لَكُمْ أَكْلُ الْمَأْكُولِ مِنْهُ وَهُوَ السَّمَكُ وَحْدُهُ

وَقَوْلُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ يُرِيدُ مَا مَاتَ مِنْ حَيَوَانِهِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ

وَالْحَيَوَانُ جِنْسَانِ بَحْرِيٌّ وَبَرِّيٌّ أَمَّا الْبَحْرِيُّ فَنَوْعَانِ نَوْعٌ لَا تَبْقَى حَيَاتُهُ فِي الْبَرِّ كَالْحُوتِ وَنَوْعٌ تَبْقَى حَيَاتُهُ فِي الْبَرِّ كَالضُّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ وَالسُّلَحْفَاةِ

فَأَمَّا الْحُوتُ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ مُبَاحٌ

قَوْلُهُ تَعَالَىأُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ

وَأَمَّا مَا تَدُومُ حَيَاتُهُ كَالضُّفْدَعِ وَالسُّلَحْفَاةِ فَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ طَاهِرٌ حَلَالٌ لَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَكَاةٍ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ هُوَ حَرَامٌ نَجِسٌ

وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا مِنْ دَوَابِّ الْمَاءِ فَلَمْ يُفْتَقَرْ إِلَى ذَكَاةٍ كَالْحُوتِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ حَيَوَانٌ تَبْقَى حَيَاتُهُ فِي الْبَرِّ كَالطَّيْرِ


أَنَّ الْمُفْتِي إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْء وَعَلِمَ أَنَّ لِلسَّائِلِ حَاجَة إِلَى ذِكْر مَا يَتَّصِل بِمَسْأَلَتِهِ اُسْتُحِبَّ تَعْلِيمه إِيَّاهُ لِأَنَّ الزِّيَادَة فِي الْجَوَاب بِقَوْلِهِ الْحِلّ مَيْتَته لِتَتْمِيمِ الْفَائِدَة وَهِيَ زِيَادَة تَنْفَع لِأَهْلِ الصَّيْد وَكَأَنَّ السَّائِل مِنْهُمْ ، وَهَذَا مِنْ مَحَاسِن الْفَتْوَى



Isnin, 26 Julai 2010

AL-IMRAN : 46-47-48

AL-IMRAN : 46

وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ

dan dia berbicara dengan manusia dalam buaian dan ketika sudah dewasa dan dia adalah termasuk orang-orang yang saleh."

هذه بشارة من الملائكة لمريم، عليها السلام، بأن سيوجد منها ولد عظيم، له شأن كبير

في المهد قولان أحدهما : أنه حجر أمه والثاني : هو هذا الشيء المعروف الذي هو مضجع الصبي وقت الرضاع ، وكيف كان المراد منه : فإنه يكلم الناس في الحالة التي يحتاج الصبي فيها إلى المهد

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا تَكَلَّمَ مَوْلُود فِي صِغَرِهِ إلا عِيسَى وصَاحِبَ جُرَيْج"

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لمَْ يَتَكَّلَمْ فِي المهدِ إلا ثَلاثَة، عِيسى، وصَبِيٌّ كَانَ فِي زَمَنِ جُرَيْج، وصبيٌّ آخَر


ما الكهل؟

الكهل في اللغة ما اجتمع قوته وكمل شبابه ، وهو مأخوذ من قول العرب اكتهل النبات إذا قوي وتم

أراد بالمكتهل المتناهي في الحسن والكمال


أن تكلمه حال كونه في المهد من المعجزات ، فأما تكلمه حال الكهولة فليس من المعجزات ، فما الفائدة في ذكره؟

المراد منه أن يكلم الناس مرة واحدة في المهد لإظهار طهارة أمه ، ثم عند الكهولة يتكلم بالوحي والنبوة

نقل أن عمر عيسى عليه السلام إلى أن رفع كان ثلاثاً وثلاثين سنة وستة أشهر ، وعلى هذا التقدير : فهو ما بلغ الكهولة

بينا أن الكهل في أصل اللغة عبارة عن الكامل التام ، وأكمل أحوال الإنسان إذا كان بين الثلاثين والأربعين ، فصح وصفه بكونه كهلاً في هذا الوقت

أن المراد بقوله { وَكَهْلاً } أن يكون كهلاً بعد أن ينزل من السماء في آخر الزمان ، ويكلم الناس ، ويقتل الدجال

أنكرت النصارى كلام المسيح عليه السلام في المهد ، واحتجوا على صحة قولهم بأن كلامه في المهد من أعجب الأمور وأغربها ، ولا شك أن هذه الواقعة لو وقعت لوجب أن يكون وقوعها في حضور الجمع العظيم الذي يحصل القطع واليقين بقولهم

أجاب المتكلمون عن هذه الشبهة ، وقالوا : إن كلام عيسى عليه السلام في المهد إنما كان للدلالة على براءة حال مريم عليها السلام من الفاحشة ، وكان الحاضرون جمعاً قليلين ، فالسامعون لذلك الكلام ، كان جمعاً قليلاً ، ولا يبعد في مثله التواطؤ على الإخفاء

فليس كل النصارى ينكرون ذلك ، فإنه نقل عن جعفر بن أبي طالب : لما قرأ على النجاشي سورة مريم ، قال النجاشي : لا تفاوت بين واقعة عيسى ، وبين المذكور في هذا الكلام بذرة

{ وَمِنَ الصالحين }

ويكون في جميع الأفعال والتروك مواظباً على النهج الأصلح ، والطريق الأكمل ، ومعلوم أن ذلك يتناول جميع المقامات في الدنيا والدين في أفعال القلوب ، وفي أفعال الجوارح ، فلما ذكر الله تعالى بعض التفاصيل أردفه بهذا الكلام الذي يدل على أرفع الدرجات .


AL-IMRAN : 47-48

قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ

Maryam berkata: "Ya Tuhanku, betapa mungkin aku mempunyai anak, padahal aku belum pernah disentuh oleh seorang laki-lakipun." Allah berfirman (dengan perantaraan Jibril): "Demikianlah Allah menciptakan apa yang dikehendaki-Nya. Apabila Allah berkehendak menetapkan sesuatu, maka Allah hanya cukup berkata kepadanya: "Jadilah", lalu jadilah dia. * Dan Allah akan mengajarkan kepadanya Al Kitab, Hikmah, Taurat dan Injil

إنها إنما قالت ذلك لأن التبشير به يقتضي التعجب مما وقع على خلاف العادة وقد قررنا مثله في قصة زكريا عليه السلام

{ وَيُعَلّمُهُ الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل }

قرأ نافع ، وعاصم { وَيُعَلّمُهُ } بالياء والباقون بالنون

المراد من الكتاب تعليم الخط والكتابة ، ثم المراد بالحكمة تعليم العلوم وتهذيب الأخلاق لأن كمال الإنسان في أن يعرف الحق لذاته والخير لأجل العمل به ومجموعهما هو المسمى بالحكمة ، ثم بعد أن صار عالماً بالخط والكتابة ، ومحيطاً بالعلوم العقلية والشرعية ، يعلمه التوراة ، وإنما أخر تعليم التوراة عن تعليم الخط والحكمة ، لأن التوراة كتاب إلهي ، وفيه أسرار عظيمة ، والإنسان ما لم يتعلم العلوم الكثيرة لا يمكنه أن يخوض في البحث على أسرار الكتب الإلهية ، ثم قال في المرتبة الرابعة والإنجيل ، وإنما أخر ذكر الإنجيل عن ذكر التوراة لأن من تعلم الخط ، ثم تعلم علوم الحق ، ثم أحاط بأسرار الكتاب الذي أنزله الله تعالى على من قبله من الأنبياء فقد عظمت درجته في العلم فإذا أنزل الله تعالى عليه بعد ذلك كتاباً آخر وأوقفه على أسراره فذلك هو الغاية القصوى ، والمرتبة العليا في العلم ، والفهم والإحاطة بالأسرار العقلية والشرعية ، والاطلاع على الحكم العلوية والسفلية ، فهذا ما عندي في ترتيب هذه الألفاظ الأربعة .

{ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } الظاهر أن المراد بالكتاب هاهنا الكتابة

{ وَالتَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ } فالتوراة: هو الكتاب الذي أنزله الله على موسى بن عمران. والإنجيل: الذي أنزله الله على عيسى عليهما (6) السلام، وقد كان [عيسى] (7) عليه السلام

Ahad, 18 Julai 2010

al-imran : 45

إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ

(Ingatlah), ketika Malaikat berkata: "Hai Maryam, seungguhnya Allah menggembirakan kamu (dengan kelahiran seorang putera yang diciptakan) dengan kalimat (yang datang) daripada-Nya, namanya Al Masih Isa putera Maryam, seorang terkemuka di dunia dan di akhirat dan termasuk orang-orang yang didekatkan (kepada Allah)

شرح كيفية ولادتها لعيسى

هذه بشارة من الملائكة لمريم، عليها السلام، بأن سيوجد منها ولد عظيم، له شأن كبي


{ إِذْ قَالَتِ الملئكة }

يفيد الجمع إلا أن المشهور أن ذلك المنادي كان جبريل عليه السلام

{ بِكَلِمَةٍ مّنْهُ }

أن كل علوق وإن كان مخلوقاً بواسطة الكلمة وهي قوله { كُنَّ } إلا أن ما هو السبب المتعارف كان مفقوداً في حق عيسى عليه السلام وهو الأب

أن السلطان العادل قد يوصف بأنه ظل الله في أرضه ، وبأنه نور الله لما أنه سبب لظهور ظل العدل ، ونور الإحسان ، فكذلك كان عيسى عليه السلام سبباً لظهور كلام الله عزّ وجلّ بسبب كثرة بياناته وإزالة الشبهات والتحريفات عنه فلا يبعد أن يسمى بكلمة الله تعالى على هذا التأويل

وكان سبحانه وتعالى قادراً على إيجاد الشخص ، لا من نطفة الأب ، وإذا ثبت الإمكان ، ثم إن المعجز قام على صدق النبي ، فوجب أن يكون صادقاً

وهو أنا نشاهد حدوث كثير من الحيوانات على سبيل التولد ، كتولد الفأر عن المدر ، والحيات عن الشعر ، والعقارب عن الباذروج ، وإذا كان كذلك فتولد الولد لا عن الأب أولى أن لا يكون ممتنعاً .


فلفظة { مِنْ } ليست للتبعيض ههنا إذ لو كان كذلك لكان الله تعالى متجزئاً متبعضاً متحملاً للاجتماع والافتراق وكل من كان كذلك فهو محدث وتعالى الله عنه ، بل المراد من كلمة { مِنْ } ههنا ابتداء الغاية

{ اسمه المسيح عِيسَى ابن مَرْيَمَ }

المسيح : هل هو اسم مشتق ، أو موضوع؟

أصله بالعبرانية مشيحا ، فعربته العرب وغيروا لفظه

وعيسى : أصله يشوع كما قالوا في موسى : أصله موشى ، أو ميشا بالعبرانية

قال ابن عباس : إنما سمي عيسى عليه السلام مسيحاً ، لأنه ما كان يمسح بيده ذا عاهة ، إلا برىء من مرضه

قال أحمد بن يحيى : سمي مسيحاً لأنه كان يمسح الأرض أي يقطعها ، ومنه مساحة أقسام الأرض

أنه كان مسيحاً ، لأنه كان يمسح رأس اليتامى لله تعالى

سمي مسيحاً لأنه كان ممسوحاً بدهن طاهر مبارك يمسح به الأنبياء ، ولا يمسح به غيرهم

سمي مسيحاً لأنه مسحه جبريل صلى الله عليه وسلم بجناحه وقت ولادته ليكون ذلك صوناً له عن مس الشيطان

لكثرة سياحته


وأما المسيح الدجال فإنما سمي مسيحاً لأحد وجهين أحدهما : لأنه ممسوح أحد العينين والثاني : أنه يمسح الأرض أي : يقطعها في المدة القليلة

المسيح كان كاللقب له ، وعيسى كالاسم فلم قدم اللقب على الاسم؟

أن المسيح كاللقب الذي يفيد كونه شريفاً رفيع الدرجة ، مثل الصديق والفاروق فذكره الله تعالى أولاً بلقبه ليفيد علو درجته ثم ذكره باسمه الخاص

{ وَجِيهًا فِي الدنيا والأخرة }

معنى الوجيه : ذو الجاه والشرف والقدر

كان وجيهاً في الدنيا بسبب النبوة ، وفي الآخرة بسبب علو المنزلة عند الله تعالى

وأما عيسى عليه السلام ، فهو وجيه في الدنيا بسبب أنه يستجاب دعاؤه ويحيي الموتى ويبرىء الأكمه والأبرص بسبب دعائه

ووجيه في الآخرة بسبب أنه يجعله شفيع أمته المحقين ويقبل شفاعتهم فيهم كما يقبل شفاعة أكابر الأنبياء عليهم السلام

أنه وجهه في الدنيا بسبب أنه كان مبرأ من العيوب التي وصفه اليهود بها ، ووجيه في الآخرة بسبب كثرة ثوابه وعلو درجته عند الله تعالى

{ وَمِنَ المقربين }

أن هذا الوصف كالتنبيه على أنه عليه السلام سيرفع إلى السماء وتصاحبه الملائكة

أنه ليس كل وجيه في الآخرة يكون مقرباً لأن أهل الجنة على منازل ودرجات


Isnin, 12 Julai 2010

SURAH AL-IMRAN : 44

SURAH AL-IMRAN : 44

ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ

Yang demikian itu adalah sebagian dari berita-berita ghaib yang Kami wahyukan kepada kamu (ya Muhammad); padahal kamu tidak hadir beserta mereka, ketika mereka melemparkan anak-anak panah mereka (untuk mengundi) siapa di antara mereka yang akan memelihara Maryam. Dan kamu tidak hadir di sisi mereka ketika mereka bersengketa.
إشارة إلى ما تقدم ، والمعنى أن الذي مضى ذكره من حديث حنة وزكريا ويحيى وعيسى بن مريم ، إنما هو من إخبار الغيب فلا يمكنك أن تعلمه إلا بالوحي

لم نفيت هذه المشاهدة ، وانتفاؤها معلوم بغير شبهة ، وترك نفي استماع هذه الأشياء من حفاظها وهو موهوم؟ .
قلنا : كان معلوماً عندهم علماً يقينياً أنه ليس من أهل السماع والقراءة ، وكانوا منكرين للوحي ، فلم يبق إلا المشاهدة ، وهي وإن كانت في غاية الاستبعاد إلا أنها نفيت على سبيل التهكم بالمنكرين للوحي مع علمهم بأنه لا سماع ولا قراءة

الأنباء : الإخبار عما غاب عنك

فلما كان الله سبحانه ألقى هذه الأشياء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام بحيث يخفى ذلك على غيره سماه وحياً .


وأصل"الإيحاء"، إلقاء الموحِي إلى الموحَى إليه.
وذلك قد يكون بكتاب وإشارة وإيماء، وبإلهام، وبرسالة

{ إِذْ يُلْقُون أقلامهم أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ }

المراد بالأقلام التي كانوا يكتبون بها التوراة وسائر كتب الله تعالى

والثاني : أنهم ألقوا عصيهم في الماء الجاري جرت عصا زكريا على ضد جرية الماء فغلبهم

معنى يلقون أقلامهم مما كانت الأمم تفعله من المساهمة عند التنازع فيطرحون منها ما يكتبون عليها أسماءهم فمن خرج له السهم سلم له الأمر

***

اختلفوا في السبب الذي لأجله رغبوا في كفالتها حتى أدتهم تلك الرغبة إلى المنازعة

إن عمران أباها كان رئيساً لهم ومقدماً عليهم

إن أمها حررتها لعبادة الله تعالى ولخدمة بيت الله تعال

في الكتب الإلهية كان بيان أمرها وأمر عيسى عليه السلام حاصلاً فتقربوا لهذا السبب حتى اختصموا

***

اختلفوا في أن أولئك المختصمين من كانوا؟

كانوا هم خدمة البيت

العلماء والأحبار وكتاب الوحي

ولا شبهة في أنهم كانوا من الخواص وأهل الفضل في الدين والرغبة في الطريق .

{ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ }

المراد بهذا الاختصام ما كان قبل الإقراع ، ويحتمل أن يكون اختصاماً آخر حصل بعد الإقراع ، وبالجملة فالمقصود من الآية شدة رغبتهم في التكفل بشأنها ، والقيام بإصلاح مهماتها


ما كنت عندهم يا محمد فَتُخْبرهم (4) عنهم معاينة عما جرى، بل أطلعك الله على ذلك كأنك كنت حاضرا وشاهدًا لما كان من أمرهم حين اقترعوا في شأن مريم أيهم يكفلها، وذلك لرغبتهم في الأجر

Jumaat, 2 Julai 2010

Al-baqarah : 5-6


إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ

مجيء الرسول عليه السلام به فمن صدقه في كل ذلك فهو مؤمن ، ومن لم يصدقه في ذلك ، فإما بأن لا يصدقه في جميعها أو بأن لا يصدقه في البعض دون البعض ، فذلك هو الكافر

أنكر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أو صحة القرآن الكريم أو أنكر الشرائع التي علمنا بالضرورة كونها من دين محمد صلى الله عليه وسلم كوجوب الصلاة والزكاة والصوم والحج وحرمة الربا والخمر ، فذلك يكون كافراً

{ إِنَّ الذين كَفَرُواْ } صيغة للجمع مع لام التعريف وهي للاستغراق بظاهره ثم إنه لا نزاع في أنه ليس المراد منها هذا الظاهر ، لأن كثيراً من الكفار أسلموا فعلمنا أن الله تعالى قد يتكلم بالعام ويكون مراده الخاص

أن قوله : { إِنَّ الذين كَفَرُواْ } صيغة الجمع وقوله : { لاَ يُؤْمِنُونَ } أيضاً صيغة جمع والجمع إذا قوبل بالجمع توزع الفرد على الفرد فمعناه أن كل واحد منهم لا يؤمن وحينئذٍ يعود الكلام المذكور

اختلف أهل التفسير في المراد ههنا بقوله : { الذين كَفَرُواْ }

فقال قائلون : إنهم رؤساء اليهود المعاندون الذين وصفهم الله تعالى بأنهم يكتمون الحق وهم يعلمون

وقال آخرون : بل المراد قوم من المشركين ، كأبي لهب وأبي جهل والوليد بن المغيرة وأضرابهم ، وهم الذين جحدوا بعد البينة ، وأنكروا بعد المعرفة

{ سَوَاء عَلَيْهِمْ ءأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }

من المعلوم أن المراد وصف الإنذار وعدم الإنذار بالاستواء

معناه سواء عليهم إنذارك وعدم إنذارك لهم بعد ذلك لأن القوم كانوا قد بلغوا في الإصرار واللجاج والإعراض عن الآيات والدلائل إلى حالة ما بقي فيهم البتة رجاء القبول بوجه

أفاد أن هذه الحالة إنما حصلت في هذا الوقت فكان ذلك يفيد حصول اليأس وقطع الرجاء منهم

{ ءأَنذَرْتَهُمْ }

ست قراءات : إما بهمزتين محققتين بينهما ألف ، أولا ألف بينهما ، أو بأن تكون الهمزة الأولى قوية والثانية بين بين بينهما ألف ، أولا ألف بينهما وبحذف حرف الاستفهام ، وبحذفه وإلقاء حركته على الساكن قبله كما قرىء «قد أفلح»

الإنذار هو التخويف من عقاب الله بالزجر عن المعاصي

وإنما ذكر الإنذار دون البشارة لأن تأثير الإنذار في الفعل والترك أقوى من تأثير البشارة؛ لأن اشتغال الإنسان بدفع الضرر أشد من اشتغاله بجلب المنفعة ، وهذا الموضع موضع المبالغة وكان ذكر الإنذار أولى

حدثني أبي عمر بن الخطاب أنه سمع رسول صلى الله عليه وسلم يقول : " مثل علم الله فيكم كمثل السماء التي أظلتكم ، والأرض التي أقلتكم ، فكما لا تستطيعون الخروج من السماء والأرض فكذلك لا تستطيعون الخروج من علم الله تعالى ، وكما لا تحملكم السماء والأرض على الذنوب فكذلك لا يحملكم علم الله تعالى عليها "
***

خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ

اعلم أنه تعالى لما بين في الآية الأولى أنهم لا يؤمنون أخبر في هذه الآية بالسبب الذي لأجله لم يؤمنوا ، وهو الختم ،

الختم والكتم أخوان؛ لأن في الاستيثاق من الشيء بضرب الخاتم عليه كتماً له وتغطية ، لئلا يتوصل إليه أو يطلع عليه

والغشاوة الغطاء فعالة من غشاه إذا غطاه

الختم هو خلق الكفر في قلوب الكفار

الختم على قلوب الكفار من الله تعالى هو الشهادة منه عليهم بأنهم لا يؤمنون ، وعلى قلوبهم بأنها لا تعي الذكر ولا تقبل الحق ، وعلى أسماعهم بأنها لا تصغي إلى الحق كما يقول الرجل لصاحبه أريد أن تختم على ما يقوله فلان

هذه الآية إنما جاءت في قوم مخصوصين من الكفار فعل الله تعالى بهم هذا الختم والطبع في الدنيا عقاباً لهم في العاجل

يجوز أن يجعل الله على قلوبهم الختم وعلى أبصارهم الغشاوة من غير أن يكون ذلك حائلاً بينهم وبين الإيمان بل يكون ذلك كالبلادة التي يجدها الإنسان في قلبه والقذى في عينيه والطنين في أذنه ، فيفعل الله كل ذلك بهم ليضيق صدورهم ويورثهم الكرب والغم

وإنما خص القلب والسمع بذلك؛ لأن الأدلة السمعية لا تستفاد إلا من جهة السمع ، والأدلة العقلية لا تستفاد إلا من جانب القلب ، ولهذا خصهما بالذكر



Selasa, 22 Jun 2010

Al-Imran : 42-43



وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ

المراد بالملائكة ههنا جبريل وحده

(أ) والمراد من الملائكة رئيسهم جبريل عليه السلام

سورة مريم دلت على أن المتكلم مع مريم عليها السلام هو جبريل عليه السلام ، وهو قوله { فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً } [ مريم : 17 ]

اعلم أن مريم عليها السلام ما كانت من الأنبياء

وإذا كان كذلك كان إرسال جبريل عليه السلام إليها إما أن يكون كرامة لها ، أو إرهاصاً لعيسى عليه السلام , أو معجزة لزكرياء عليه السلام

ومن الناس من قال : إن ذلك كان على سبيل النفث في الروع والإلهام والإلقاء في القلب ، كما كان في حق أم موسى عليه السلام في قوله { وَأَوْحَيْنَا إلى أُمّ موسى } [ القصص : 7 ]

اعلم أن المذكور في هذه الآية أولاً : هو الاصطفاء ، وثانياً : التطهير ، وثالثاً : الاصطفاء على نساء العالمين ، ولا يجوز أن يكون الاصطفاء أولاً من الاصطفاء الثاني ، لما أن التصريح بالتكرير غير لائق ، فلا بد من صرف الاصطفاء الأول إلى ما اتفق لها من الأمور الحسنة في أول عمرها ، والاصطفاء الثاني إلى ما اتفق لها في آخر عمرها

(ك) اختارها لكثرة عبادتها وزهادتها وشرفها وطهرها من الأكدار والوسواس واصطفاها ثانيًا مرة بعد مرة لجلالتها على نساء العالمين

(ك) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ"

(ك) عن أنس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قَالَ حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ

(ك) عن معاوية بن قُرَّة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا ثَلاث: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ "

(النوع الأول من الاصطفاء)

إن أمها لما وضعتها ما غذتها طرفة عين ، بل ألقتها إلى زكريا ، وكان رزقها يأتيها من الجنة

وخصها في هذا المعنى بأنواع اللطف والهداية والعصمة

أنه كفاها أمر معيشتها ، فكان يأتيها رزقها من عند الله تعالى

أنه تعالى أسمعها كلام الملائكة شفاها، ولم يتفق ذلك لأنثى غيرها

(التطهير)

أنه تعالى طهرها عن الكفر والمعصية

أنه تعالى طهرها عن مسيس الرجال

طهرها عن الحيض

طهرك من الأفعال الذميمة ، والعادات القبيحة

وطهرك عن مقالة اليهود وتهمتهم وكذبهم

(الاصطفاء الثاني)

أنه تعالى وهب لها عيسى عليه السلام من غير أب ، وأنطق عيسى حال انفصاله منها حتى شهد بما يدل على براءتها عن التهمة ، وجعلها وابنها آية للعالمين

روي أنه عليه الصلاة والسلام قال : « حسبك من نساء العالمين أربع : مريم وآسية امرأة فرعون ، وخديجة ، وفاطمة عليهن السلام »

{ يامريم اقنتى لِرَبّكِ واسجدى }

أما القنوت فهو الطاعة في خشوع

والقنوت هو: طول الركوع في الصلاة

فلما بيّن تعالى أنها مخصوصة بمزيد المواهب والعطايا من الله أوجب عليها مزيد الطاعات ، شكراً لتلك النعم السنية

لم قدم ذكر السجود على ذكر الركوع؟ .

والجواب الأول : أن الواو تفيد الاشتراك ولا تفيد الترتيب

الثاني : أن غاية قرب العبد من الله أن يكون ساجداً قال عليه الصلاة والسلام : « أقرب ما يكون العبد من ربه إذا سجد » فلما كان السجود مختصاً بهذا النوع من الرتبة والفضيلة لا جرم قدمه على سائر الطاعات

{ واركعى مَعَ الركعين }

وهو إشارة إلى الأمر بالصلاة ، فكأنه تعالى يأمرها بالمواظبة على السجود في أكثر الأوقات

قال ابن الأنباري : قوله تعالى : { اقنتى } أمر بالعبادة على العموم ، ثم قال بعد ذلك { واسجدى واركعى } يعني استعملي السجود في وقته اللائق به ، واستعملي الركوع في وقته اللائق به

أن الصلاة تسمى سجوداً كما قيل في قوله { وأدبار السجود } [ ق : 40 ] وفي الحديث « إذا دخل أحدكم المسجد فليسجد سجدتين »

وأيضاً أشرف أجزاء الصلاة السجود وتسمية الشيء باسم أشرف أجزائه نوع مشهور في المجاز

{ واسجدى } أمراً ظاهراً بالصلاة ، وقوله { واركعى مَعَ الراكعين } أمراً بالخضوع والخشوع بالقلب

المراد به الصلاة في الجماعة كانت مأمورة بأن تصلي في بيت المقدس مع المجاورين فيه ، وإن كانت لا تختلط بهم

لم لم يقل واركعي مع الراكعات؟
والجواب لأن الاقتداء بالرجال حال الاختفاء من الرجال أفضل من الاقتداء بالنساء

Ahad, 13 Jun 2010

baqarah : 5


أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ


فخص المتقين بأن الكتاب هدى لهم كان لسائل أن يسأل فيقول : ما السبب في اختصاص المتقين بذلك؟ فوقع قوله : { الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب } إلى قوله : { وأولئك هُمُ المفلحون } جواباً عن هذا السؤال ، كأنه قيل : الذي يكون مشتغلاً بالإيمان وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والفوز بالفلاح والنجاة لا بدّ وأن يكون على هدى من ربه

أن قوله : { وأولئك هُمُ المفلحون } يقتضي الحصر ، فوجب فيمن أخل بالصلاة والزكاة أن لا يكون مفلحاً ، وذلك يوجب القطع على وعيد تارك الصلاة والزكاة

***

أما المرجئة فقد احتجوا بأن الله حكم بالفلاح على الموصوفين بالصفات المذكروة في هذه الآية فوجب أن يكون الموصوف بهذه الأشياء مفلحاً وإن زنى وسرق وشرب الخمر؟

والجواب : أن كل واحد من الاحتجاجين معارض بالآخر فيتساقطان ، ثم الجواب عن قول الوعيدية : أن قوله :{ وأولئك هُمُ المفلحون } يدل على أنهم الكاملون في الفلاح ، فيلزم أن يكون صاحب الكبيرة غير كامل في الفلاح ، ونحن نقول بموجبه ، فإنه كيف يكون كاملاً في الفلاح وهو غير جازم بالخلاص من العذاب ، بل يجوز له أن يكون خائفاً منه

***

وقال ابن جرير: وأما معنى قوله: { أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ } فإن معنى ذلك: أنهم على نور من ربهم، وبرهان واستقامة وسداد، بتسديد الله إياهم، وتوفيقه لهم وتأويل قوله: { وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } أي المُنْجِحون المدركون ما طلبوا عند الله بأعمالهم وإيمانهم بالله وكتبه ورسله، من الفوز بالثواب، والخلود في الجنات، والنجاة مما أعد الله لأعدائه من العقاب