Khamis, 4 November 2010

Al-baqarah : 10


فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ

{ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } فاعلم أن المرض صفة توجب وقوع الضرر في الأفعال الصادرة عن موضع تلك الصفة

ولما كان الأثر الخاص بالقلب إنما هو معرفة الله تعالى وطاعته وعبوديته

يحمل المرض على الغم ، لأنه يقال مرض قلبي من أمر كذا ، والمعنى أن المنافقين مرضت قلوبهم لما رأوا ثبات أمر النبي صلى الله عليه وسلم واستعلاء شأنه يوماً فيوماً

{ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } قال: شَكٌّ، { فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا } قال: شكًّا

وعن عكرمة، وطاوس: { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } يعني: الرياء

والمرض عبارة مستعارة للفساد الذي في عقائدهم

{ فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا } محمولاً على الكفر والجهل

أنه تعالى ذكر هذه الآيات في معرض الذم لهم على كفرهم

روي أنه عليه السلام مر بعبد الله بن أبي بن سلول على حمار ، فقال له نح حمارك يا محمد فقد آذتني ريحه ، فقال له بعض الأنصار اعذره يا رسول الله ، فقد كنا عزمنا على أن نتوجه الرياسة قبل أن تقدم علينا : فهؤلاء لما اشتد عليهم الغم وصف الله تعالى ذلك فقال : { فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا } أي زادهم الله غماً على غمهم بما يزيد في إعلاء أمر النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيم شأنه

فكذا المرض ههنا إنما هو الفتور في النية ، وذلك لأنهم في أول الأمر كانت قلوبهم قوية على المحاربة والمنازعة وإظهار الخصومة ، ثم انكسرت شوكتهم فأخذوا في النفاق بسبب ذلك الخوف والإنكسار ، فقال تعالى : { فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا } أي زادهم ذلك الانكسار والجبن والضعف

أن يحمل المرض على ألم القلب ، وذلك أن الإنسان إذا صار مبتلى بالحسد والنفاق ومشاهدة المكروه ، فإذا دام به ذلك فربما صار ذلك سبباً لغير مزاج القلب وتألمه ، وحمل اللفظ على هذا الوجه حمل له على حقيقته ، فكان أولى من سائر الوجوه

{ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

فإن كان الله تعالى خلق ذلك فيهم كما خلق لونهم وطولهم ، فأي ذنب لهم حتى يعذبهم؟

أنه تعالى أضافه إليهم بقوله : { بِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ } وعلى هذا وصفهم تعالى بأنهم مفسدون في الأرض ، وأنهم هم السفهاء ، وأنهم إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم

{ بِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ }

أن الكذب هو الخبر عن شيء على خلاف ما هو به

الْكَذِبُ الْقَوْلِيُّ، وَالْكَذِبُ الْفِعْلِيُّ وَهُوَ الْخِدَاعُ،

أن كذبهم علة للعذاب الأليم

وذلك يقتضي أن يكون كل كذب حراماً فأما ما روي أن إبراهيم عليه السلام كذب ثلاث كذبات ، فالمراد التعريض ، ولكن لما كانت صورته صورة الكذب سمي به .

وقد سئل القرطبي وغيره من المفسرين عن حكمة كفه، عليه السلام، عن قتل المنافقين مع علمه بأعيان بعضهم، وذكروا أجوبة عن ذلك منها ما ثبت في الصحيحين: أنه قال لعمر: "أكره أن يتحدث العرب أن محمدًا يقتل أصحابه" (1) ومعنى هذا خشية أن يقع بسبب ذلك تغير لكثير من الأعراب عن الدخول في الإسلام ولا يعلمون حكمة قتله لهم، وأن قتله إياهم إنما هو على الكفر، فإنهم إنما يأخذونه بمجرد ما يظهر لهم فيقولون: إن محمدًا يقتل أصحابه


Tiada ulasan:

Catat Ulasan